موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: الخُروجُ للِاستِسقاءِ والدُّعاءِ عِندَ انحِباسِ المَطَرِ


يُشرَعُ الخُروجُ للِاستِسقاءِ [516] الِاستِسقاءُ لُغةً: استِفعالٌ مِن طَلَبِ السُّقيا، أي: إنزال الغَيثِ على البِلادِ والعِبادِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/381)، ((لسان العرب)) لابن منظور (14/393). والِاستِسقاءُ اصطِلاحًا: طَلَبُ إنزالِ المَطَرِ مِنَ اللهِ تعالى بكَيفيَّةٍ مَخصوصةٍ، عِندَ الحاجةِ إليه. ينظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (3/304). وينظر أيضًا: ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/65). والدُّعاءِ والضَّراعةِ إلى اللهِ سُبحانَه عِندَ انحِباسِ المَطَرِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
قال اللهُ تعالى حِكايةً عن نوحٍ عليه السَّلامُ: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 10- 12] .
وجه الدَّلالةِ:
أنَّه جَعَلَ الِاستِغفارَ سَبَبَ نُزولِ الغَيثِ [517] ((الذخيرة)) للقرافي (2/435). .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ زَيدِ بنِ عاصِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رَأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومًا خَرَجَ يَستَسقي، قال: فحَوَّل إلى النَّاسِ ظَهرَه، واستَقبَلَ القِبلةَ يَدعو، ثُمَّ حَوَّل رِداءَه، ثُمَّ صَلَّى لنا رَكعَتَينِ، جَهَر فيهما بالقِراءةِ)) [518] أخرجه البخاري (1025) واللفظ له، ومسلم (894). .
ج- مِنَ الإجماعِ
نَقل الإجماعَ على ذلك غَيرُ واحِدٍ [519] مِمَّن نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ بَطَّالٍ، وابنُ عَبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، والنَّوويُّ. قال ابنُ بَطَّالٍ: (أجمَعَ المُسلِمونَ على جَوازِ الخُروجِ إلى الِاستِسقاءِ، والبُروزِ إليه في المُصَلَّى عِندَ إمساكِ الغَيثِ عنهم، واختَلَفوا في الصَّلاةِ). ((شرح صحيح البخاري)) (3/5). وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الخُروجَ إلى الِاستِسقاءِ والبُروزَ والِاجتِماعَ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ خارِجَ المِصرِ بالدُّعاءِ والضَّراعةِ إليه تبارَكَ اسمُه في نُزولِ الغَيثِ عِندَ احتِباسِ ماءِ السَّماءِ وتَمادي القَحطِ: سُنَّةٌ مَسنونةٌ سَنَّها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا خِلافَ بَينَ عُلَماءِ المُسلِمينَ في ذلك، واختَلَفوا في الصَّلاةِ في الِاستِسقاءِ). ((التمهيد)) (17/172). وقال ابنُ رُشدٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الخُروجَ إلى الِاستِسقاءِ، والبُروزَ عنِ المِصرِ، والدُّعاءَ إلى اللهِ تعالى، والتَّضَرُّعَ إليه في نُزولِ المَطَرِ: سُنَّةٌ سَنَّها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((بداية المجتهد)) (1/224). وقال النَّوويُّ: (الِاستِسقاءُ بالدُّعاءِ بلا صَلاةٍ لا خِلافَ في جَوازِهـ). ((شرح مسلم)) (6/187). .

انظر أيضا: