موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: سلامةُ الموصي مِنَ الدَّينِ


يُشترَطُ لصِحَّةِ الوَصيَّةِ سَلامةُ الموصِي مِنَ الدَّيْنِ [155] فإذا قضى الدَّينَ جازت وَصيَّتُه في الثلُثِ. يُنظر: ((تبيين الحقائق للزَّيْلَعي وحاشية الشلبي)) (6/185)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/543)، ((روضة الطالبين)) للنووي (6/3)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/352). الَّذي لا يُمكِنُ معه تَنفيذُ الوصيَّةِ [156] وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والشَّافعيَّةِ ، والحنابلةِ. يُنظر: ((تبيين الحقائق للزَّيْلَعي وحاشية الشلبي)) (6/185)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/543)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/384)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (4/351، 352). وحُكِيَ الإجماعُ على تَقديمِ الدَّيْنِ على الوَصيَّةِ: قال الشَّافعيُّ: (وفي قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 12]   معانٍ سأذْكُرُها -إنْ شاء اللهُ تعالى-، فلمَّا لم يكُنْ بيْن أهلِ العِلمِ خِلافٌ عَلِمتُه في أنَّ ذا الدَّيْنِ أحقُّ بمالِ الرجُلِ في حَياتِه منه حتَّى يَستوفِيَ دَيْنَه، وكان أهلُ الميراثِ إنَّما يَملِكون عن المَيتِ ما كان الميتُ أملَكَ به؛ كان بَيِّنًا -واللهُ أعلَمُ- في حُكمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ثمَّ ما لم أعلَمْ أهلَ العِلمِ اختَلفوا فيه: أنَّ الدَّيْنَ مُبدَّأٌ على الوصايا والميراثِ، فكان حُكمُ الدَّينِ -كما وصَفْتُ- منُفرِدًا مقدَّمًا، وفي قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: أَوْ دَيْنٍ، ثمَّ إجماعِ المسلمينَ أنْ لا وَصيَّةَ ولا ميراثَ إلَّا بعْدَ الدَّينِ؛ دليلٌ على أنَّ كلَّ دَيْنٍ -في صحَّةٍ كان أو في مرضٍ، بإقرارٍ، أو بيِّنةٍ، أو أيِّ وجْهٍ ما كان- سواءٌ). ((الأم)) (4/105). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وقد أجمَعَ عُلماء المُسلِمينَ على أنَّ الدَّينَ قبْلَ الوَصيَّةِ وقبْلَ الميراثِ). ((الاستذكار)) (7/449). وقال ابنُ حزْمٍ: (واتَّفَقوا أنَّ الوَصيَّةَ لا تجوزُ إلَّا بعْدَ أداءِ دُيونِ الناسِ، فإنْ فضَلَ شَيءٌ جازت الوَصيَّةُ، وإلَّا فلا). ((مراتب الإجماع)) (ص: 110). .
الدَّليلُ على ذلك من الكِتابِ:
قولُه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تَعالى أمَرَ بأداءِ الأماناتِ إلى أهلِها، وأداءُ الأمانةِ أحقُّ مِن تَطوُّعِ الوصيَّةِ [157] يُنظر: ((صحيح البخاري)) (4/5). .
أمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الدَّيْنَ مُقدَّمٌ على الوصيَّةِ؛ لأنَّه أهمُّ الحاجَتينِ؛ فقَضاؤُه واجبٌ، والوَصيَّةُ تَبرُّعٌ [158] يُنظر: ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/234)، ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (5/305). .

انظر أيضا: