موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: الوَصِيَّةُ للأقرَبينَ غَيرِ الوارِثينَ


تَجوزُ الوصيَّةُ للأقاربِ غَيرِ الوارِثينَ في حُدودِ الثُّلُثِ.
الدَّليلُ على ذلك من الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال الله تَعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 180] .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى كتَبَ الوصيَّةَ للوالدَينِ والأقربينَ، فخرَجَ منه الوارِثونَ بقَولِه: ((لا وصيَّةَ لوارثٍ)) [150] أخرجه أبو داود (2870)، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/432)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2120)، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/215)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2870)، وحسنه الإمام أحمد كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (286)، وابن عبدالبر في ((التمهيد)) (24/439) ، وبَقِيَ سائرُ الأقارِبِ على الوصيَّةِ لهم [151] يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/140). .
2- قال اللهُ تَعالى: وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى [البقرة: 177] .
3- قال اللهُ تَعالى: وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [الإسراء: 26] .
وَجْهُ الدَّلالةِ في الآيتَينِ:
أنَّ اللهَ تعالى بدَأَ بهم؛ لأنَّ أفضلَ الصَّدقةِ تكونُ فيهم، فكذلك بعْدَ الموتِ [152] يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (6/140). .
ب- مِن السُّنَّةِ
حديثُ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأبي طَلحةَ في صَدَقةِ أموالِه: ((... وإنِّي أرى أنْ تَجعَلَها في الأقربينَ))، فقال أبو طَلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ. فقَسَمَها أبو طلحةَ في أقاربِه، وبَني عمِّه [153] أخرجه البخاري (1461) واللفظُ له، ومسلم (998). .
ج- مِن الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [154] ممَّن نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ،  وابنُ حزْمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ تيميَّةَ. قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ كلُّ مَن يُحفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ الوَصيَّةَ للوالدَينِ اللذَينِ لا يَرثانِ المرءَ، وللأقرباءِ الذين لا يَرِثونه؛ جائزةٌ). ((الإشراف على مذاهب العُلماء)) (4/403). وقال ابنُ حزْمٍ: (اتَّفقوا أنَّه إنْ وصَّى لوالدَينِ له لا يَرثانِه برِقٍّ أو كُفرٍ، أو لأقاربِه الَّذين لا يَرِثون منه -إنْ كان له أقاربُ- بثُلثيِ الثلُثِ؛ أنَّ وَصيَّتَه تلك وسائرَ وَصاياهُ في باقي مالِه مِن ثُلثِه فيما ليس مَعصيةً، أو فيما أَوصى به لحيٍّ؛ نافذةٌ كلُّها، وأنَّه قد أصاب). ((مراتب الإجماع)) (ص: 112). وقال ابنُ عبد البَرِّ: (لا خِلافَ بين العُلماءِ أنَّ الوَصيَّةَ للأقاربِ أفضلُ مِن الوَصيَّةِ لغيرِهم إذا لم يَكونوا ورثةً، وكانوا في حاجةٍ). ((التمهيد)) (14/300). وقال ابنُ تَيميَّةَ: (لو كان للميِّتِ أقاربُ لا يَرِثون، كانت الوَصيَّةُ لهم أَولى مِن الوَصيَّةِ بالعِتقِ. وما أعلَمُ في هذا خلافًا). ((مجموع الفتاوى)) (29/177). .

انظر أيضا: