موسوعة التفسير

سُورةُ الجاثيةِ
الآيات (31-35)

ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ

غَريبُ الكَلِماتِ:

بِمُسْتَيْقِنِينَ: أي: بمُتحَقِّقينَ. مِنَ اليَقينِ: وهو عِلمٌ حاصِلٌ بالاستِدلالِ، وهو فَوقَ المَعرفةِ والدِّرايةِ، وأصلُ (يقن): يدُلُّ على زَوالِ الشَّكِّ [395] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (6/157)، ((المفردات)) للراغب (ص: 892)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 48، 90). .
وَبَدَا: أي: ظهَرَ ظُهورًا بيِّنًا، وأصلُ (بدو): ظُهورُ الشَّيءِ [396] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/212)، ((المفردات)) (ص: 113)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 242). .
وَحَاقَ: أي: أحاطَ ونَزَل، وأصلُ (حيق): يدُلُّ على نُزولِ الشَّيءِ بالشَّيءِ [397] يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 187)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/125)، ((المفردات)) للراغب (ص: 266)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 93). .
وَمَأْوَاكُمُ: أي: مَصيرُكم ومقامُكم ومَثواكم، أو: مَرجعُكم الذي تَعودونَ إليه، والمأوَى: مكانُ كلِّ شَيءٍ ومَرجعُه الَّذي يَعودُ إليه ليْلًا أو نَهارًا؛ يُقالُ: أوَى إلى كذا، أي: انضمَّ إليه، وأصلُه: التَّجمُّعُ [398] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/380)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/151)، ((المفردات)) للراغب (ص: 103)، ((تفسير القرطبي)) (8/312). .
هُزُوًا: أي: استهزاءً وسُخريةً ولَعِبًا، وهو مِن الهُزءِ الذي هو المزْحُ في خُفيةٍ [399] يُنظر: ((تفسير الطبري)) (2/75)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (6/52)، ((المفردات)) (ص: 841)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 964). .
وَغَرَّتْكُمُ: أي: خَدَعَتْكم، يُقالُ: غَررْتُ فلانًا: أصبْتُ غِرَّتَه، ونِلْتُ منه ما أُريدُه، والغِرَّةُ: غَفْلةٌ في اليقظةِ، وأصلُ ذلك مِن الغَرِّ، وهو الأثرُ الظَّاهرُ مِن الشَّيءِ [400] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/380)، ((المفردات)) للراغب (ص: 603- 604)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273). .
يُسْتَعْتَبُونَ: أي: يُطلَبُ منهم أنْ يُزيلُوا غَضَبَ رَبِّهم، ويَرجِعوا إلى ما يُرضِيه؛ مِن الاستِعتابِ: وهو الرُّجوعُ عَن الإساءَةِ، والتَّعَرُّضُ لطَلَبِ الرِّضا، وأصلُ الكَلِمةِ مِن (العَتْبِ): وهو الغَضَب والمَلامةُ، يُقالُ: عتَبَ عليه يَعتِبُ: إذا غَضِبَ عليه ولامَه، وأعتَبَه: إذا أزالَ عنه عَتْبَه، واستَعْتَبه: إذا طلَبَ منه الإعتابَ، أي: الرِّضا [401] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 537)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/225)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 293)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 378). .

مُشكِلُ الإعرابِ:

قَولُه تعالَى: وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
قولُه: وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا فيه أوجُهٌ:
أحَدُها: أنَّ (السَّاعة) مُبتدأٌ مَرفوعٌ، وجُملةُ لَا رَيْبَ فِيهَا في مَحلِّ رَفعٍ خَبَرٌ، وجُملةُ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا مَعطوفةٌ على جُملةِ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ.
الثَّاني: أنَّ (السَّاعة) مَعطوفٌ على محلِّ اسمِ (إنَّ)؛ لأنَّه قبْلَ دُخولِها كان مُبتدأً.
الثَّالِثُ: أنَّ (السَّاعة) مَعطوفٌ على محَلِّ (إنَّ واسمِها) معًا؛ فمَوضِعُهما الرَّفعُ على الابتداءِ. وقُرِئَ وَالسَّاعَةَ بالنَّصبِ [402] قرَأها بالنَّصبِ حمزةُ، وقرأها الباقونَ بالرَّفعِ. يُنظر: ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 662)، ((النشر في القراءات العشر)) لابن الجزري (2/372). عَطفًا على وَعْدَ اللَّهِ.
قولُه: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا فيه إشكالٌ مِن جِهةِ استِثناءِ الظَّنِّ مِن نَفسِه؛ فليْس مَصدَرُ نَظُنُّ محتَمِلًا مع الظَّنِّ غَيرَه حتى يُخرَجَ الظَّنُّ منه؛ فإنَّ الاستِثناءَ المُفَرَّغَ -النَّاقِصَ المنفيَّ- لا يَصِحُّ أنْ يكونَ مُفَرِّغًا للمَفعولِ المُطلَقِ المؤكِّدِ؛ لانتِفاءِ فائدةِ التَّفريغِ، فلا يجوزُ (ما ضرَبْتُ إلَّا ضَرْبًا). وقد اختُلِفَ في تَأويلِه على أوجهٍ:
أحدُها: أنَّ المُستثنى هو الظَّنُّ الموصوفُ بما دَلَّ عليه تَنكيرُه مِن التَّحقيرِ المُشعِرِ به التَّنوينُ، فتُقَدَّرُ له صِفةٌ مَحذوفةٌ؛ لِفَهمِ المعنَى، والتَّقديرُ: إلَّا ظَنًّا ضَعيفًا؛ فيكونُ مَصدرًا مُختَصًّا لا مُؤَكِّدًا.
الثَّاني: أنَّه على القَلبِ والتَّقديمِ والتَّأخيرِ، والتَّقديرُ: (إنْ نحْن إلَّا نظُنُّ ظنًّا).
الثَّالثُ: أنْ يُضَمَّنَ نَظُنُّ معنى (نَعْتقِد)، فيَنتصِبَ ظَنًّا مَفعولًا به لا مَصدرًا، والتَّقديرُ: ما نَعتَقِدُ إلَّا ظَنًّا.
الرَّابعُ: أنَّ الظَّنَّ يكونُ بمعنى العِلْمِ والشَّكِّ، فاستَثْنى الشَّكَّ، كأنَّه قيل: ما لنا اعتِقادٌ إلَّا الشَّكُّ [403] يُنظر: ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (4/435)، ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (2/663)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (9/656)، ((مغني اللبيب عن كتب الأعاريب)) لابن هشام (ص: 389)، ((تفسير الألوسي)) (13/155)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/373). .

المعنى الإجماليُّ:

يُبيِّنُ اللهُ تعالَى ما يُقالُ للكافرينَ يومَ القِيامةِ تَقريعًا لهم وتَوبيخًا، فيقولُ: وأمَّا الذين كَفَروا باللهِ فيَقولُ اللهُ تعالَى لهم يومَ القِيامةِ تَوبيخًا: ألمْ تكُنْ آياتُ القرآنِ تُتلَى عليكم في الدُّنيا، فاستكبَرْتُم عن الإيمانِ بها، وكنتُم قَومًا مُجرِمين؟!
ثمَّ يُبيِّنُ اللهُ تعالَى حالَهم في الدُّنيا، وإنكارَهم للبعثِ، فيَقولُ: وإذا قيلَ لكمْ: إنَّ وَعْدَ اللهِ -مِن البَعثِ أو غيرِه- حَقٌّ، وإنَّ القِيامةَ آتيةٌ لا شَكَّ فيها؛ قُلتُم مُكَذِّبينَ: لا نَعرِفُ ما القيامةُ، إنْ نَظُنُّ إلَّا ظَنًّا، وما نحن بمُتَحقِّقينَ مِن قِيامِها!
ثمَّ يقولُ تعالَى: وظَهَر لأولئك المُجرِمينَ سَيِّئاتُ ما عَمِلوه في الدُّنيا مِنَ الكُفرِ والعِصيانِ، ونَزَل بهم عَذابُ اللهِ الذي كانوا يَسخَرونَ منه! ويُقالُ لهم: اليومَ نَترُكُكم في العَذابِ كما تَركْتُم في الدُّنيا الإيمانَ والعَمَلَ الصَّالِحَ، ومَقَرُّكم النَّارُ، وما لكم ناصِرٌ يَنصُرُكم، ويَدفَعُ عنكم عَذابَ اللهِ!
ثمَّ يُبيِّنُ اللهُ تعالَى الأسبابَ التي أدَّت بهم إلى هذا المصيرِ السَّيِّئِ، فيقولُ: ذلك العذابُ حاصِلٌ بسَبَبِ أنَّكم اتَّخذْتُم آياتِ اللهِ سُخريةً، وغرَّتْكم الحياةُ الدُّنيا؛ فاليومَ لا يُخرَجُ أولئك الكافِرونَ المجرِمونَ مِنَ النَّارِ، ولا يُطلَبُ منهم فِعلُ ما يُرضِي اللهَ تعالَى.

تَفسيرُ الآياتِ:

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31).
أي: وأمَّا الذين كَفَروا باللهِ فيَقولُ اللهُ تعالَى لهم تَقْريعًا وتَوبيخًا: ألمْ تكُنْ آياتُ القرآنِ تُتلَى عليكم في الدُّنيا، فاستكبَرْتُم عن الإيمانِ بها واتِّباعِها، وأعرَضتُم عن سَماعِها وقَبولِها، وكنتُم قَومًا مُتَّصِفينَ بالإجرامِ في أفعالِكم، فتَكتَسِبونَ الآثامَ، معَ ما اشتَمَلت عليه قلوبُكم مِن التَّكذيبِ [404] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/106-107)، ((الوسيط)) للواحدي (4/100)، ((تفسير القرطبي)) (16/176)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). ؟!
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32).
وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ.
أي: وإذا قيلَ لكم: إنَّ ما وَعَد اللهُ به عِبادَه مِن البَعثِ أو غيرِه أمرٌ كائِنٌ لا مَحالةَ، وإنَّ القِيامةَ التي يَجمَعُ اللهُ فيها النَّاسَ للحِسابِ والجَزاءِ لا شكَّ في مجيئِها؛ قُلتُم تَكذيبًا وإنكارًا: لا نَعرِفُ ما القِيامةُ [405] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/107)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/109). !
إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا.
أي: وقُلتُم: ما نَعلَمُ وُقوعَ السَّاعةِ إلَّا على وَجهِ الظَّنِّ والتَّوَهُّمِ [406] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/107)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272). قال الشَّوكانيُّ: (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا أي: نَحدِسُ حَدْسًا، نَتوهَّمُ توَهُّمًا... وقيل: إِنْ نَظُنُّ مضمَّنٌ معنى نَعتقدُ، أي: ما نَعتقدُ إلَّا ظنًّا لا عِلمًا... وقيل: إنَّ الظنَّ يكونُ بمعنى العِلمِ والشكِّ، فكأنَّهم قالوا: ما لنا اعتقادٌ إلَّا الشَّكُّ). ((تفسير الشوكاني)) (5/14). وقال البقاعي: (ولَمَّا كان أمْرُها مَركوزًا في الفِطَرِ لا يَحتاجُ إلى كَبيرِ نَظَرٍ، بما يَعلَمُ كُلُّ أحدٍ مِن تمامِ قُدرةِ الله تعالى، فمتى نُبِّهَ عليها نوعَ تَنبيهٍ سَبَق إلى القَلبِ عِلمُها -سَمَّوا ذلك ظنًّا؛ عِنادًا واستِكبارًا، فقالوا مُستأنِفينَ في جوابِ مَن كأنَّه يقولُ: أفلمْ تُفِدْكم تِلاوةُ هذه الآياتِ البَيِّناتِ عِلمًا بها؟ إِنْ أي: ما نَظُنُّ أي: نَعتَقِدُ ما تُخبِرونَنا به عنها إِلَّا ظَنًّا وأمَّا وُصولُه إلى دَرَجةِ العِلمِ فلا). ((نظم الدرر)) (18/110). !
وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ.
أي: وما نحن بمُتَحقِّقينَ أنَّ القِيامةَ كائِنةٌ [407] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/107)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272). !
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33).
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا.
أي: وظهَر للمُشرِكينَ في الآخِرةِ ظهورًا بيِّنًا سَيِّئاتُ ما عَمِلوه في الدُّنيا مِنَ الكُفرِ والمعاصي [408] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/108)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). قال القاسمي: (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا أي: قبائِحُ أعمالِهم، أو عُقُوباتُ أعمالِهم السَّيِّئاتِ). ((تفسير القاسمي)) (8/434). ممَّن اختار القولَ الأوَّلَ: ابنُ جَريرٍ، وابنُ أبي زَمنين، والرازي. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/108)، ((تفسير ابن أبي زمنين)) (4/219)، ((تفسير الرازي)) (27/682). وممَّن اختار القولَ الثاني: مكِّيٌّ، والبَغوي، والقرطبي، والخازن، وابن كثير، والسعدي، وابن عاشور. يُنظر: ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (10/6800)، ((تفسير البغوي)) (4/189)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير الخازن)) (4/126)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/373). قال البقاعي: (فتَمثَّلَتْ لهم وعَرَفوا مِقدارَ جَزائِها، واطَّلَعوا على جميعِ ما يَلزَمُ على ذلك). ((نظم الدرر)) (18/112). .
وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.
أي: ونَزَل وأحاطَ بهم عَذابُ اللهِ الَّذي كانوا في الدُّنيا يَسخَرونَ منه، ويَستَهزِئونَ به [409] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/108)، ((تفسير ابن عطية)) (5/90)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). .
وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّه لَمَّا أُودِعَ الكافِرونَ جَهنَّمَ، وأحاطَتْ بهم؛ نُودُوا الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ إلى آخِرِه؛ تَأييسًا لهم مِنَ العَفوِ عنهم [410] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/374). .
وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا.
أي: ويُقالُ لهم: اليومَ نَتْرُكُكم في العَذابِ كما تَرَكتُم في الدُّنيا الإيمانَ والعَمَلَ الصَّالِحَ لِلِقاءِ هذا اليَومِ [411] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/108)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/272)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/112-113)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). .
كما قال تعالَى: فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [السجدة: 14] .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((يَلقَى اللهُ العَبدَ فيقولُ: أيْ فُلُ [412] أي فُلُ: أي: يا فُلانُ، و(فُلُ) هو تَرخيمُ فُلانٍ. وقيل: لغةٌ في فُلانٍ، وصِيغةٌ ارتُجِلَت في بابِ النِّداءِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/923)، ((شرح النووي على مسلم)) (18/103). ، ألمْ أُكرِمْك وأُسَوِّدْك [413] أُسَوِّدْك: أي: أجعَلْك سَيِّدًا في قومِك. يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (8/3528). وأُزَوِّجْك، وأُسخِّرْ لك الخيلَ والإبِلَ، وأذَرْك ترأَسُ وتَربَعُ [414] ترأَسُ: أي: تكونُ رئيسًا على قَومِك. وتَربَعُ: أي: تأخُذُ المِرباعَ، وهو ربُعُ الغَنيمةِ، وقيل: معناه: ترَكْتُك مُستريحًا لا تحتاجُ إلى مَشقَّةٍ وتَعَبٍ؛ من قَولِهم: ارْبَعْ على نَفْسِك، أي: ارْفُقْ بها. والمعنى: ألَمْ أجعَلْك رئيسًا مُطاعًا. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/186)، ((شرح النووي على مسلم)) (18/104). ؟ فيقولُ: بلى. فيقولُ: أفظنَنْتَ أنَّك مُلاقِيَّ؟ فيقولُ: لا. فيقولُ: فإنِّي أنْساك كما نَسيتَني. ثمَّ يَلْقَى الثَّانيَ فيَقولُ: أيْ فُلُ، ألمْ أُكرِمْك وأُسَوِّدْك وأُزَوِّجْك، وأُسخِّرْ لك الخيلَ والإبِلَ، وأذَرْك تَرأَسُ وتَربَعُ؟ فيقولُ: بلى أيْ رَبِّ. فيقولُ: أفظنَنْتَ أنَّك مُلاقِيَّ؟ فيقولُ: لا. فيقولُ: فإنِّي أنساك كما نَسيتَني )) [415] رواه مسلم (2968). .
وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ.
أي: ومَقَرُّكم ومَسكَنُكم النَّارُ، تَستَقِرُّونَ فيها أبدًا [416] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((تفسير ابن عطية)) (5/90)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/113)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). .
وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ.
أي: وما لكم -أيُّها المُشرِكونَ- أيُّ أحدٍ يَنصُرُكم فيُنقِذُكم مِن عَذابِ اللهِ تعالَى [417] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/113)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). .
كما قال تعالَى: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [آل عمران: 56] .
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّه لَمَّا ذَكَر اللهُ تعالَى جَزاءَ الكافِرينَ؛ عَلَّله بما لَزِمَ على أعمالِهم، فقال [418] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/113). :
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا.
أي: ذلك يَحُلُّ بكم؛ بسَبَبِ أنَّكم اتَّخذْتُم آياتِ اللهِ سُخريةً، تَسخَرونَ منها، وتَستَهزِئونَ بها [419] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/375-376). .
وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا.
أي: وبسَبَبِ انخِداعِكم بالحياةِ الدُّنيا، فعَمِلتُم لها وآثَرْتُموها، وأعرَضتُم عن العَمَلِ للآخِرةِ وأنكَرْتُموها [420] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((تفسير الرازي)) (27/682)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). !
فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا.
أي: فاليومَ لا يُخرَجُ أولئك الكافِرونَ مِنَ النَّارِ [421] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((تفسير القرطبي)) (16/177)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273). .
وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ.
أي: ولا يُطلَبُ منهم يومَ القِيامةِ فِعلُ ما يُرضِي اللهَ، بالتَّوبةِ إليه وطاعتِه؛ حتى تُزالَ عنهم المُعاتَبةُ والمُؤاخَذةُ بذُنوبِهم [422] يُنظر: ((الوسيط)) للواحدي (4/101)، ((تفسير الرازي)) (27/682)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (9/56)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/376). قيل: المرادُ: أنَّهم لا يُرَدُّونَ إلى الدُّنيا لِيَعمَلوا صالحًا. وممَّن نَصَّ على أنَّ المرادَ العودةُ إلى الدُّنيا: ابنُ جرير، والسمرقندي، ومكِّي، والسعدي. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/109)، ((تفسير السمرقندي)) (3/282)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (10/6801)، ((تفسير السعدي)) (ص: 778). وقيل: المرادُ: لا يُطلَبُ منهم أنْ يُعتِبوا ربَّهم، أي: يُرضوه بالرُّجوعِ إلى طاعتِه والإيمانِ به؛ لأنَّه يومٌ لا تُقبَلُ فيه توبةٌ ولا تَنفَعُ فيه مَعذِرةٌ. وممَّن قال بذلك في الجُملةِ: الزمخشريُّ، وابنُ الجوْزي، والخازنُ، وابنُ كثير، والشوكانيُّ. يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/293)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/101)، ((تفسير الخازن)) (4/126)، ((تفسير ابن كثير)) (7/273)، ((تفسير الشوكاني)) (5/14). .
كما قال تعالَى: فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [الروم: 57] .

الفوائدُ التربويةُ:

في قوله: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ وقَف الله تعالى الكفَّارَ على الاستكبارِ؛ لأنَّه مِن شرِّ الخِلالِ [423] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/89). .

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِفُ:

1- قَولُ اللهِ تعالَى: فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ... [الجاثية: 30] ، وقولُه: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ... ذكَرَ اللهُ المؤمِنينَ والكافِرينَ، ولم يَذكُرْ قِسمًا ثالثًا، وهذا يدُلُّ على أنَّ مَذهَبَ المُعتَزِلةِ في إثباتِ المَنزِلتَينِ: باطِلٌ [424] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/681). .
2- قَولُ اللهِ تعالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ عَلَّل استِحقاقَ العُقوبةِ بأنَّ آياتِه تُلِيَتْ عليهم فاستَكبَروا عن قَبولِها، وهذا يدُلُّ على أنَّ استِحقاقَ العُقوبةِ لا يَحصُلُ إلَّا بعْدَ مَجيءِ الشَّرعِ، وذلك يدُلُّ على أنَّ الواجِباتِ لا تَجِبُ إلَّا بالشَّرعِ، خِلافًا لِما يقولُه المُعتَزِلةُ مِن أنَّ بَعضَ الواجباتِ قدْ يَجِبُ بالعَقلِ [425] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/681). .
3- قَولُ اللهِ تعالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ فيه سُؤالٌ: كيف يَحسُنُ وَصفُ الكافِرِ بكَونِه مُجرِمًا في مَعرِضِ الطَّعنِ فيه والذَّمِّ له، معَ أنَّ الكفرَ أعظمُ حالًا مِن الجُرْمِ؟
الجوابُ: قيل: إنَّ معناه أنَّهم مع كَونِهم كُفَّارًا ما كانوا عُدولًا في أديانِ أنفُسِهم، بلْ كانوا فُسَّاقًا في ذلك الدِّينِ [426] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/681). .
4- قال اللهُ تعالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ، لَمَّا كانت هذه الآياتُ تُوجِبُ الإيمانَ، لِما لها مِن العظَمةِ بمُجرَّدِ تلاوتِها، بُني قولُه: تُتْلَى للمَفعولِ [427] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/108). .
5- إنْ قِيلَ: قولُهم: إِنْ نَظُنُّ دَليلٌ على أنَّ الكُفَّارَ قدْ أخبَروا بأنَّهم ظَنُّوا البَعثَ واقِعًا، ودلَّ قَولُهم قبلُ: مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا [الجاثية: 24] على أنَّهم مُنكِرونَ البَعثَ.
فالجوابُ: أنَّ قَولَ اللهِ تعالَى: وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ لا يُنافي قَولَهم: إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا؛ وذلك لِوُجوهٍ:
الوَجهُ الأوَّلُ: أنَّ القَومَ كانوا في هذه المسألةِ على قَولَينِ: مِنهم مَن كان قاطِعًا بنَفيِ البَعثِ والقيامةِ، وهم الَّذين ذكَرَهم اللهُ في الآيةِ المتقَدِّمةِ بقَولِه: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا [الجاثية: 24] ، ومِنهم مَن كان شاكًّا مُتحَيِّرًا فيه؛ لأنَّهم لِكَثرةِ ما سَمِعوه مِنَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولِكَثرةِ ما سَمِعوه مِن دَلائِلِ القَولِ بصِحَّتِه -صاروا شاكِّينَ فيه، وهم الَّذين أرادهم اللهُ بهذه الآيةِ، والذي يدُلُّ عليه: أنَّه تعالَى حَكى مَذهَبَ أولئك القاطِعينَ ثمَّ أتبَعَه بحِكايةِ قَولِ هؤلاء؛ فوَجَب كَونُ هؤلاء مُغايِرينَ للفَريقِ الأوَّلِ [428] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/682). قال ابنُ عاشور: (وأقولُ: هذا لا يَستقيمُ؛ لأنَّه لو سُلِّمَ أنَّ فَريقًا مِن المُشرِكينَ كانوا يَشُكُّونَ في وُقوعِ السَّاعةِ ولا يَجزِمونَ بانتِفائِه، فإنَّ جَمهرةَ المُشرِكينَ نافُونَ لِوُقوعِها؛ فلا يُناسِبُ مَقامَ التَّوبيخِ تَخصيصُه بالَّذين كانوا مُترَدِّدينَ في ذلك). ((تفسير ابن عاشور)) (25/372). .
الوَجهُ الثَّاني: كأنَّهم كانوا تارةً يَقوَى عِندَهم ما في جِبِلَّاتِهم وفِطَرِهم الأُولى مِن أَمْرِها، فيَظُنُّونَها، وتارةً تَقْوَى عليهم الحُظوظُ معَ ما يَقتَرِنُ بها مِنَ الشُّبهةِ المَبنيَّةِ على الجَهلِ، فيَظُنُّونَ عَدَمَها، فيَقطَعونَ به؛ لِما للنَّفسِ إليه مِنَ المَيلِ [429] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/111). ، فهم اضْطرَبوا؛ فتارةً أنكَروا، وتارةً ظَنُّوا [430] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (9/426- 427). قال الألوسيُّ: (ويَحتمِلُ اتِّحاد قائلِ ذاك وقائلِ هذا، إلَّا أنَّ كلَّ قولٍ في وقتٍ وحالٍ، فهو مُضطرِبٌ مختلِفُ الحالاتِ؛ تارةً يَجزِمُ بالنَّفيِ فيقولُ: إنْ هي إلَّا حَياتُنا الدُّنيا، وأُخرى يَظُنُّ فيقولُ: إنْ نظُنُّ إلا ظَنًّا. وقيل: الجزمُ هناك بنفْيِ وُقوعِها، والظنُّ مِن غيرِ إيقانٍ هنا بمُجرَّدِ إمكانِها؛ فهم مُتردِّدون بإمكانِها الذاتيِّ، جازِمون بعدَمِ وُقوعِها بالفعلِ، فتأمَّلْ). ((تفسير الألوسي)) (13/156). .
الوَجهُ الثَّالِثُ: أنْ يكونَ هذا حِكايةً لاستِهزائِهم بخَبَرِ البَعثِ، فإذا قيل لهم: السَّاعةُ لا رَيبَ فيها قالوا استِهزاءً: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا، ويدُلُّ عليه قَولُه عَقِبَه: وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [431] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/372). [الجاثية: 33] .
6- قَولُ اللهِ تعالَى: ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ فيه أنَّ الكافِرينَ استَحَقُّوا العذابَ الشَّديدَ؛ لأجْلِ الإصرارِ على إنكارِ الدِّينِ الحَقِّ، والاستِهزاءِ به والسُّخريةِ منه -وهذان الوَجهانِ داخِلانِ تحْتَ قَولِه تعالَى: ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا -، والاستِغراقِ في حُبِّ الدُّنيا، والإعراضِ بالكُلِّيَّةِ عن الآخِرةِ، وهو المرادُ مِن قَولِه تعالَى: وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [432] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (27/682). .
7- يَذكُرُ الشَّارِعُ العِلَلَ والأوصافَ المُؤثِّرةَ والمعانيَ المُعتَبَرةَ في الأحكامِ القَدَريَّةِ والشَّرْعيَّةِ والجَزائيَّةِ؛ لِيَدُلَّ بذلك على تعَلُّقِ الحُكمِ بها أينَ وُجِدَتْ، واقتِضائِها لأحكامِها، وعَدَمِ تَخَلُّفِها عنها إلَّا لمانعٍ يُعارِضُ اقتِضاءَها، ويُوجِبُ تخَلُّفَ أثَرِها عنها؛ كقَولِه تعالَى: ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا، وقَولِه تعالَى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأنفال: 13] ، وقَولِه تعالَى: ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا [غافر: 12] ، إلى غيرِ ذلك مِنَ الآياتِ [433] يُنظر: ((إعلام الموقعين عن رب العالمين)) لابن القيم (1/150). .

بلاغةُ الآياتِ:

1- قولُه تعالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ
- الاستِفهامُ في قولِه: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ استِفهامُ تَوبيخٍ وتَقريعٍ للكافرينَ [434] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/293)، ((تفسير البيضاوي)) (5/109)، ((تفسير أبي السعود)) (8/75)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/371). .
- وقولُه: أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ مَقولُ قَولٍ مَحْذوفٍ، أي: يُقالُ لهُم: ألمْ يكُنْ تأْتِيكم رُسلي، أفلَمْ تكُن آياتِي تُتلى عليكم؟! فحُذِفَ المَعطوفُ عليه اكْتِفاءً بالمقصودِ، وثِقةً بدَلالةِ القَرينةِ عليه [435] الاحتِباكُ: هو الحذفُ مِن الأوائلِ لدَلالةِ الأواخِرِ، والحذفُ مِن الأواخرِ لدَلالةِ الأوائلِ، إذا اجتمَع الحَذفانِ معًا، وله في القرآنِ نظائرُ، وهو مِن إبداعاتِ القرآنِ وعناصرِ إعجازِه، وهو مِن ألطفِ الأنواعِ. يُنظر: ((الإتقان)) للسيوطي (3/204)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حَبَنَّكَة الميداني (1/347). .
- قولُه: فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ، قال: قَوْمًا دونَ الاقْتِصارِ على (وكُنتُم مُجرِمينَ)؛ للدَّلالةِ على أنَّ الإجرامَ صارَ خُلُقًا لهم، وخالَطَ نُفوسَهم حتَّى صار مِن مُقوِّماتِ قَوميَّتِهم [436] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/75)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/371). .
- قولُه: فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ مِن الاحتِباكِ [437] تقدَّم تعريفه (ص: 46). ، حيثُ ذَكَر الإدخالَ في الرَّحمةِ أوَّلًا في قولِه: فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ دَليلًا على الإدخالِ في اللَّعنةِ ثانيًا، وذَكَر التَّبكيتَ ثانيًا دَليلًا على التَّشريفِ أوَّلًا، وسِرُّه: أنَّ ما ذَكَره أدَلُّ على شَرفِ الوليِّ، وحَقارةِ العَدوِّ [438] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/109). .
2- قولُه تعالَى: وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
- جُملةُ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... عطْفٌ على جُملةِ فَاسْتَكْبَرْتُمْ، والتَّقديرُ: وقُلْتُم: ما نَدْري ما السَّاعةُ، إذا قِيل لكمْ: إنَّ السَّاعةَ لا رَيبَ فِيها، وهذانِ القولانِ ممَّا تَكرَّرَ في القُرآنِ بلَفْظِه وبمَعناهُ؛ فهو تَخصيصٌ لِبَعضِ آياتِ القُرآنِ بالذِّكرِ بعْدَ التَّعميمِ في قولِه: أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ [439] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/371). [الجاثية: 31] .
- ومَعنى مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ ما نَعلَمُ حَقيقةَ السَّاعةِ، ونَفْيُ العِلمِ بحَقيقتِها كِنايةٌ عن جَحْدِ وُقوعِ السَّاعةِ، أي: عَلِمْنا أنَّها لا وُقوعَ لها؛ اسْتِنادًا للتَّخيُّلاتِ التي ظَنُّوها أدلَّةً [440] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/293)، ((تفسير البيضاوي)) (5/109)، ((تفسير أبي السعود)) (8/75)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/372). .
- قولُه: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا التَّنكيرُ في ظَنًّا للتَّحقيرِ، ومَفعولَا نَظُنُّ مَحذوفانِ؛ لِدَليلِ الكَلامِ عليهما، والتَّقديرُ: إنْ نظُنُّ السَّاعةَ واقعةً [441] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/373). .
- وقولُهم: وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ يُفِيدُ تأْكيدَ قَولِهم: مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا، وعطْفُه عطْفُ مُرادِفٍ، أي: للتَّشريكِ في اللَّفظِ. والسِّينُ والتَّاءُ في بِمُسْتَيْقِنِينَ؛ للمُبالَغةِ في حُصولِ الفِعلِ [442] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/373). .
3- قولُه تعالَى: وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ عطْفٌ على جُملةِ أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ [الجاثية: 31] ، باعتبارِ تَقديرِ: فيُقالُ لهم ذلك: وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا، أي: جُمِعَ لهم بيْنَ التَّوبيخِ والإزعاجِ؛ فوُبِّخوا بقولِه: أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ إلى آخِرِه، وأُزعِجوا بظُهورِ سيِّئاتِ أعْمالِهم، أي: ظُهورِ جَزاءِ سيِّئاتِهم -على قولٍ في التَّفسيرِ- حِينَ رَأَوا دارَ العذابِ وآلاتِه رُؤيةَ مَن يُوقِنُ بأنَّها مُعَدَّةٌ له، وذلك بعِلمٍ يَحصُلُ لهمْ عِندَ رُؤيةِ الأهوالِ [443] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/373). .
- وعُبِّر بالسَّيِّئاتِ عن جَزائِها -على قولٍ في التَّفسيرِ-؛ إشارةً إلى تَمامِ المُعادَلةِ بيْن العَمَلِ وجَزائِه، حتى جُعِلَ الجَزاءُ نَفْسَ العَمَلِ، على حَدِّ قَولِه تعالَى: فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [444] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/374). [التوبة: 35] .
- قولُه: مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ يَعُمُّ كلَّ ما كان طَريقَ اسْتِهزاءٍ بالإسلامِ مِن أقْوالِهم الصَّادرةِ عن اسْتِهزاءٍ، مِثلَ قولِهم: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية: 32] ، ومِن الأشياءِ التي جعَلوها هُزؤًا، مِثلَ عَذابِ جَهنَّمَ وشَجرةِ الزَّقُّومِ، وهو ما عُبِّرَ عنه آنِفًا بـ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا. وإنَّما عُدِلَ عن الإضمارِ إلى المَوصوليَّةِ؛ لأنَّ في الصِّلةِ تَغليطًا لهمْ، وتَنْديمًا على ما فَرَّطوا مِن أخْذِ العُدَّةِ لِيَومِ الجزاءِ [445] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/374). .
4- قولُه تعالَى: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
- وبُنِيَ فِعلُ وَقِيلَ للنَّائبِ؛ حَطًّا لهمْ عن رُتبةِ أنْ يُصرَّحَ باسْمِ اللهِ في حِكايةِ الكلامِ الذي واجَهَهم به، بِناءً على أنَّ ضَميرَ نَنْسَاكُمْ ضَميرُ الجَلالةِ، وليْس مِن قَولِ الملائكةِ، فإنْ كان مِن قَولِ خَزَنةِ جهنَّمَ، فبِناءُ فِعلِ وَقِيلَ للنَّائبِ؛ للعِلْمِ بالفاعلِ. والكافُ في كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ للتَّعليلِ، أي: جَزاءَ نِسيانِكم هذا اليومَ، أي: إعْراضِكم عن الإيمانِ به [446] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/374، 375). .
- وعُبِّرَ في فِعلِه تعالَى بالمضارِعِ نَنْسَاكُمْ؛ ليَدُلَّ على الاستِمرارِ. وفي فِعلِهم بالماضي نَسِيتُمْ؛ ليَدُلَّ على أنَّ مَن وقَعَ منه ذلك وقْتًا ما وإنْ قلَّ، كان على خَطرٍ عَظيمٍ بتَعريضِ نفْسِه لاستمرارِ الإعراضِ عنه [447] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (18/113). .
- وإضافةُ (يوم) إلى ضَميرِ المُخاطَبينَ في يَوْمِكُمْ باعتِبارِ أنَّ ذلك اليومَ ظَرْفٌ لِأحوالٍ تَتعلَّقُ بهم؛ فإنَّ الإضافةَ تكونُ لِأَدْنَى مُلابَسةٍ. ووُصِف اليومُ باسمِ الإشارةِ ? لِتَمْييزِه أكمَلَ تَمْييزٍ؛ تَكْميلًا لِتَعريفِه بالإضافةِ؛ لِئلَّا يَلتبِسَ عليهم بيَومٍ آخَرَ [448] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/375). .
- وعُطِفَ وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ على الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ؛ لِيَعْلَموا أنَّ تَرْكَهم في النَّارِ تَرْكٌ مُؤبَّدٌ؛ فإنَّ المَأْوى هو مَسكنُ الشَّخصِ الذي يَأْوي إليه بعْدَ أعْمالِه؛ فالمعنى: أنَّكم قدْ أَويْتُم إلى النَّارِ، فأنتمْ باقونَ فيها [449] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/375). .
5- قولُه تعالَى: ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
- قولُه: وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا أُسنِدَ التَّغريرُ إلى الحَياةِ؛ لأنَّ ذلك أجمَعُ لِأسبابِ الغُرورِ [450] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/376). .
- وفُرِّعَ فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا بالفاءِ، وهذا مِن تَمامِ الكَلامِ الذي قِيلَ لهم؛ لأنَّ وُقوعَ كَلمةِ (اليوم) في أثْنائِه يُعيِّنُ أنَّه مِن القِيلِ الذي يُقالُ لهم يَومئذٍ [451] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/376). .
- قولُه: يُخْرَجُونَ كان مُقْتضَى الظَّاهرِ أنْ يُقالَ: (لا تُخرَجون)، بأُسلوبِ الخِطابِ مِثلِ سابِقِه، ولكنْ عُدِلَ عن طَريقةِ الخِطابِ إلى الغَيبةِ على وَجهِ الالْتفاتِ، ويُحسِّنُه هنا أنَّه تَخييلٌ لِلإعراضِ عنْهم بعْدَ تَوبيخِهم وتأْييسِهم، وصَرْفُ بَقيَّةِ الإخبارِ عنْهم إلى مُخاطَبٍ آخَرَ يُنبَّأُ ببَقيَّةِ أمْرِهم؛ تَحقيرًا لهم [452] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/76)، ((تفسير ابن عاشور)) (25/377)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (9/163). .
- والسِّينُ والتَّاءُ في قولِه: يُسْتَعْتَبُونَ للمُبالَغةِ، كما يُقال: أجاب واسْتَجابَ [453] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/376). .
- وتَقديمُ هُمْ على يُسْتَعْتَبُونَ وهو مُسنَدٌ فِعليٌّ بعْدَ حَرْفِ النَّفيِ هنا: تَعريضٌ بأنَّ اللهَ يُعتِبُ غَيرَهم، أي: يُرْضي المُؤمِنينَ، أي: يَغفِرُ لهم [454] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (25/377). .