أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما: هَل يُعَدُّ كالمُتَنَقِّلِ أم لا؟" [1675] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/99)، ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/356)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/332). . وصيغةِ: "مَن خُيِّر بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما: هَل يُعَدُّ كَأنَّه لم يَأخُذْ إلَّا ما وجَبَ له، فيَكونُ هذا كالبَدَلِ، أو يُعَدُّ كالمُنتَقِلِ مِن شَيءٍ إلى شَيءٍ؟" [1676] يُنظر: ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (1/207). . وصيغةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما: هَل يُعَدُّ كالمُنتَقِلِ مِن أحَدِهما إلى الآخَرِ، أو يُعَدُّ كالآخِذِ ما وجَبَ له؟" [1677] يُنظر: ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (2/754). . وصيغةِ: "مَن خُيِّر بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما: هَل يُعَدُّ مُنتَقِلًا مِن كُلِّ واحِدٍ مِنهما إلى الآخَرِ، أو يُعَدُّ كَأنَّه لم يَستَحِقَّ غَيرَ ما اختارَ؟" [1678] يُنظر: ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (2/633). . وصيغةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ: هَل يُعَدُّ مالِكًا لما يَختارُه قَبلَ اختيارِه أم لا؟" [1679] يُنظر: ((التوضيح)) لخليل (6/264). . وصيغةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ، هَل يُعَدُّ مُختارًا لما تَرَكَ أم لا؟" [1680] يُنظر: ((مناهج التحصيل)) للرجراجي (5/268). . وصيغةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ فلا يُقدَّرُ اختيارُه لأحَدِهما رُجوعًا إليه بَعدَ أنَّ اختارَ الآخَرَ" [1681] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (3/1/99). . وصيغةِ: "مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ يُعَدُّ مُتَنَقِّلًا" [1682] يُنظر: ((روضة المستبين)) لابن بزيزة (1/795)، ((التوضيح)) لخليل (8/126)، ((الفواكه العديدة)) للنفراوي (2/95). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
اشتَهَرَت هذه القاعِدةُ عِندَ المالِكيَّةِ، وتُفيدُ أنَّ مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما: هَل يُعَدُّ في اختيارِه أحَدَ القِسمَينِ كَأنَّه يَنتَقِلُ مِن أحَدِهما إلى الآخَرِ، أو لا يُعَدُّ كالمُنتَقِلِ، وإنَّما يُعَدُّ كَأنَّه لم يَأخُذْ إلَّا ما وجَبَ له، ولَم يَستَحِقَّ غَيرَ ما اختارَ، فيَكونُ هذا كالبَدَلِ، وكَأنَّه ما اختارَ قَطُّ غَيرَ ذلك الشَّيءِ؟ في القاعِدةِ قَولانِ عِندَ المالِكيَّةِ [1683] يُنظر: ((التنبيهـ)) لابن بشير (2/890)، ((شرح التلقين)) للمازري (2/105)، ((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (1/207)، ((روضة المستبين)) لابن بزيزة (1/795)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/99)، ((التوضيح)) لخليل (5/261)، ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/356)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/333). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ مَن خُيِّرَ بَينَ شَيئَينِ فاختارَ أحَدَهما هَل يُعَدُّ كَأنَّه لم يَأخُذْ إلَّا ما وجَبَ له، فيَكونُ هو كالبَدَلِ، أو يَكونُ كالمُنتَقِلِ؟ فعلى أحَدِ القَولَينِ يَقومُ البَدَلُ مَقامَ الأصلِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا وُهبَ للمُتَيَمِّمِ الماءُ في التَّيَمُّمِ هَل يَبطُلُ تَيَمُّمُه بناءً على أنَّه يُعَدُّ مالِكًا، أم لا يَبطُلُ بناءً على أنَّه لا يُعَدُّ مالِكًا؟ [1684] يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (3/20).
2- مَن أسلَمَ على أُختَينِ ولَم يَطَأْهما فاختارَ إحداهما، فإن كان كالمُتَنَقِّلِ لزِمَه نِصفُ صَداقِ الأُخرى؛ لأنَّه كالمُطَلِّقِ، وإلَّا لم يَلزَمْه شَيءٌ [1685] يُنظر: ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/356)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/332). .
3- مَن سَرَقَ شاةً لذَبحِها فوجَبَت على السَّارِقِ قيمَتُها لرَبِّها، فإنَّه لا يَجوزُ لرَبِّها أخذُ شاةٍ حَيَّةٍ عن هذه القيمةِ؛ لأنَّه لمَّا قَدَرَ على أخذِ عَينِ اللَّحمِ فعَدَلَ عنه إلى أخذِ شاةٍ، صارَ كَبَيعِ لحمٍ بحَيَوانٍ مِن جِنسِه؛ بناءً على الانتِقالِ، وأنَّ حَقَّ المَغصوبِ مِنه تعَلَّق بعَينِ ما أتلَفَه الغاصِبُ، ولَو بَنينا على عَدَمِ الانتِقالِ، وفرَضنا أنَّ حَقَّه سَقَطَ في العَينِ، وإنَّما وجَبَت له القيمةُ، لم يُمنَعْ [1686] يُنظر: ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/356)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/332). .
4- مَن غَصَبَ حُلِيًّا فتَعَيَّب عِندَه، واختارَ المَغصوبُ مِنه القِيمةَ، ففي جَوازِ المُصارَفةِ عليها قَولانِ، فعلى الانتِقالِ لا يَجوزُ صَرفُ واحِدٍ مِنهما، وعلى أنْ لا فيَجوزُ، وهو المَشهورُ [1687] يُنظر: ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/358)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/333). .