الفرعُ السَّابعُ: الدَّائِرُ بَينَ الغالِبِ والنَّادِرِ إضافتُه إلى الغالِبِ أَولى
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ. استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الدَّائِرُ بَينَ الغالِبِ والنَّادِرِ إضافتُه إلى الغالبِ أَولى"
[949] يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (1/208). ، وبصيغةِ: "إذا دارَ الحُكمُ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ فحَملُه على الغالِبِ أَولى"
[950] يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (3/151)، ((التبصرة)) لابن فرحون (2/69). . وكذلك بصيغةِ: "الشَّيءُ إذا دارَ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ لحِقَ بالغالبِ دونَ النَّادِرِ"
[951] ذَكَر القَرافيُّ اشتِهارَ هذه الصِّيغةِ، فقال: (القاعِدةُ المَشهورةُ: أنَّ الشَّيءَ إذا دارَ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ لحِقَ بالغالِبِ دونَ النَّادِرِ). ((نفائس الأصول)) (2/933). ، وبصيغةِ: "الدَّائِرُ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ يلحَقُ بالغالبِ مِن جِنسِه"
[952] يُنظر: ((الفروق)) للقرافي (3/203)، ((شرح المنهج المنتخب)) لابن المنجور (2/593). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ. إذا دارَ الحُكمُ بَينَ النَّادِرِ والغالبِ فحَملُه على الغالبِ أَولى، فيُلحَقُ بالغالبِ دونَ النَّادِرِ؛ لأنَّ الأصلَ اعتِبارُ الغالِبِ في الشَّرعِ، ولا تُبنى الأحكامُ على الشَّيءِ النَّادِرِ القَليلِ، بَل تُبنى على الغالبِ الشَّائِعِ الكَثيرِ. وشَرطُ الفردِ المُتَرَدِّدِ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ فيُحمَلُ على الغالِبِ: أن يَكونَ مِن جِنسِ الغالِبِ
[953] يُنظر: ((الفروق)) (3/151) و(4/108)، ((نفائس الأصول)) (2/933) كلاهما للقرافي، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/325). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (الحُكمُ للغالبِ)، ووَجهُ ذلك أنَّ المُتَرَدِّدَ بَينَ الغالِبِ والنَّادِرِ يُلحَقُ بالغالِبِ؛ لأنَّ النَّادِرَ لا حُكمَ له؛ إذِ الحُكمُ للغالبِ.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ. يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (الحُكمُ للغالبِ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ. مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- المُستَحاضةُ إذا لم يَكُنْ لها عادةٌ ولا تَمييزٌ، فإنَّها تَجلسُ غالِبَ عادةِ النِّساءِ سِتَّةَ أيَّامٍ أو سَبعةً؛ لأنَّ السِّتَّ أوِ السَّبعَ أغلبُ الحَيضِ، فيُلحَقُ المُشتَبهُ به بالغالِبِ؛ إذِ الأصلُ إلحاقُ الفردِ بالأعَمِّ الأغلَبِ دونَ النَّادِرِ
[954] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/328). .
2- يَجوزُ بَيع المُغَيَّباتِ في الأرضِ، كالجَزَرِ واللِّفتِ وغَيرهما، وإن كان باطِنُها لا يُرى؛ لأنَّ أهلَ الخِبرةِ يَستَدِلُّونَ بظاهرِها على باطِنِها، وصِدقُ هذا الاستِدلالِ غالبٌ، واحتِمالُ عَدَمِ التَّوافُقِ بَينَ الظَّاهرِ والباطِنِ نادِرٌ، فيُلحَقُ الفَردُ بالأعَمِّ الأغلَبِ
[955] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/329). .
3- يَجوزُ بَيعُ الأعيانِ الغائِبةِ بالصِّفةِ إذا وُصِفَت وصفًا كافيًا مُشتَمِلًا على ما تَختَلفُ القيمةُ باختِلافِه، وذلك أنَّ المُعتَبَرَ في مَعرِفةِ المَعقودِ عليه هو التَّقريبُ، واحتِمالُ عَدَمِ القُدرةِ على إعطاءِ الوصفِ المَطلوبِ نادِرٌ، فيُلحَقُ الحُكمُ بالأغلَبِ
[956] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/329). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ. فائِدةٌ: يُمكِنُ تَطبيقُ هذه القاعِدةِ في الأُصولِ، ومِن ذلك:
أنَّ الأصلَ في وضعِ اللُّغاتِ والغالِبَ عليها أنَّها إنَّما وُضِعَت لتُفيدَ مَعنًى إنشائيًّا لم يُفهَمْ مِن غَيرِ ذلك اللَّفظِ، والتَّأكيدُ قَليلٌ بالاستِقراءِ، فإذا دارَ اللَّفظُ بَينَ النَّادِرِ والغالِبِ حُمِل على الغالِبِ؛ لفائِدةٍ زائِدةٍ غَيرِ التَّأكيدِ
[957] يُنظر: ((نفائس الأصول)) للقرافي (2/709). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش