موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: الشَّرطُ لا يَثبُتُ بالظَّاهرِ بَل بالنَّصِّ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الشَّرطُ لا يَثبُتُ بالظَّاهرِ بَل بالنَّصِّ" [645] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/45). ، وبصيغةِ: "الشَّرطُ يَثبُتُ سَمعًا أو قياسًا" [646] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/172)، ((فتح القدير)) لابن الهمام (5/237). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الشَّرطَ لا يَثبُتُ مَعَ وُجودِ الاحتِمالِ، وإنَّما يَثبُتُ بالتَّنصيصِ عليه. وكَثيرًا ما تُستَعمَلُ هذه القاعِدةُ في القَضاءِ في المُنازَعاتِ الوارِدةِ في إثباتِ الحُقوقِ، فتُفيدُ أنَّ الشَّرطَ المُعتَبَرَ هو المَنصوصُ عليه، وأمَّا ما يَثبُتُ بطَريقِ الظَّاهِرِ الذي لا يَخلو عن وُجودِ احتِمالاتٍ فلا يُعتَبَرُ شَرطًا تَثبُتُ به الحُقوقُ [647] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/50)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (5/97). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (الأصلُ أنَّ ما ثَبَتَ بالشَّرطِ نَصًّا لا يُلحَقُ به ما ليسَ في مَعناه مِن كُلِّ وَجهٍ)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ ما ثَبَتَ بالظَّاهرِ لا يَكونُ شَرطًا حَقيقةً؛ لأنَّه ليسَ في مَعنى الشَّرطِ مِن كُلِّ وَجهٍ، فلا يَثبُتُ شَرطًا إلَّا ما نُصَّ عليه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (الأصلُ أنَّ ما ثَبَتَ بالشَّرطِ نَصًّا لا يُلحَقُ به ما ليسَ في مَعناه مِن كُلِّ وَجهٍ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا ادَّعى مُدَّعٍ أنَّ هذه الدَّارَ له، فشَهدَ شاهدانِ أنَّها لأبيه المَيِّتِ، فهذه الشَّهادةُ تَتَضَمَّنُ الشَّهادةَ للمُدَّعي بالمِلكِ وِراثةً عن أبيه، لكِن قالوا: لا يُقضى له بالمِلكِ وِراثةً عن أبيه؛ لأنَّ شَرطَ الميراثِ قيامُ مِلكِ الأبِ وَقتَ المَوتِ، ولم يَثبُتْ؛ فلذلك لم يَثبُتِ المِلكُ للمُدَّعي بهذه الشَّهادةِ؛ لأنَّها ليسَت نَصًّا على مِلكِ أبيه للدَّارِ وَقتَ المَوتِ، لاحتِمالِ أنَّه باعَها قَبلَ مَوتِه [648] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/45)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (5/98). .
2- إذا وُجِدَت دارٌ في يَدي أحَدٍ فادَّعى رَجُلٌ أنَّها له مُنذُ سَنَتَينِ وأقامَ البَيِّنةَ على ذلك. وادَّعى ذو اليَدِ أنَّها في يَدِه مُنذُ سَنَتَينِ وأقامَ البَيِّنةَ ولم يَشهَدوا أنَّها له. فالقاضي يَقضي بالدَّارِ للخارِجِ؛ لأنَّ شُهودَه شَهِدوا له بالمِلكِ نَصًّا، وشُهودُ ذي اليَدِ إنَّما شَهِدوا له باليَدِ لا بالمِلكِ، والأيدي تَنَوَّعَت إلى يَدِ أمانةٍ ويَدِ ضَمانٍ ويَدِ مِلكٍ، فلا تُعارِضُ بَيِّنةَ الخارِجِ؛ لأنَّ بَيِّنةَ الخارِجِ غَيرُ مُحتَمَلةٍ [649] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (17/54)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (5/98). .

انظر أيضا: