موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ السَّابعُ: الباطِلُ لا تَلحَقُه الإجازةُ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الباطِلُ لا تَلحَقُه الإجازةُ" [264] يُنظر: ((رد المحتار)) لابن عابدين (4/508). ، واسُتعملت أيضًا بصيغةِ: "الباطِلُ لا يَحتَمِلُ الجَوازَ بالإجازةِ" [265] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/338). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
التَّصَرُّفاتُ الباطِلةُ التي تُخالفُ الشَّرعَ لا يُعتَدُّ بها، ولا أثَرَ لها في إثباتِ الأحكامِ، فلا تُفيدُ مِلكًا ولا تَنقُلُ حَقًّا، بَل يَكونُ وجودُها كَعَدَمِها، فإذا أحدَثَ المُكَلَّفُ تَصَرُّفًا غَيرَ مُستَوفٍ للأركانِ والشُّروطِ التي اشتَرَطَها الشَّرعُ وحُكِمَ على هذا التَّصَرُّفِ بالبُطلانِ، فإنَّ هذا التَّصَرُّفَ لا تَلحَقُه الإجازةُ، فلا يَنقَلبُ صحيحًا بالإجازةِ والإذنِ به؛ لأنَّ الإجازةَ تُؤثِّرُ في العَقدِ المُنعَقِدِ المَوقوفِ إتمامُه على رِضا صاحِبِ الحَقِّ فيه، لا العَقدِ الباطِلِ الذي لم يَنعَقِدْ [266] يُنظر: ((رد المحتار)) لابن عابدين (3/96) و (4/508)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (2/13). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (الباطِلُ لا حُكمَ لهـ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- إذا عَقدَتِ امرَأةٌ نِكاحَها على نَفسِها كان باطِلًا، ولا تَلحَقُه الإجازةُ مِن جِهةِ الوليِّ وإن أجازَه، وذلك عِندَ الجُمهورِ خِلافًا للحَنَفيَّةِ [267] يُنظر: ((الأم)) للشافعي (5/181)، ((الإرشاد)) لابن أبي موسى (ص: 269)، ((المبسوط)) للسرخسي (5/10)، ((المغني)) لابن قدامة (7/28). .
2- لا تَصِحُّ هبةُ الصَّغيرِ والمَجنونِ والمَعتوهِ مالَه ولو بعِوَضٍ، ولو كان العِوضُ أزيَدَ مِنَ المالِ المَوهوبِ فهيَ باطِلةٌ؛ ولذلك لا تَجوزُ الإجازةُ فيما لو أجازَ بَعدَ البُلوغِ أوِ الإفاقةِ؛ لأنَّ الإجازةَ لا تُلحَقُ بالعُقودِ الباطِلةِ [268] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلي حيدر (2/ 451). .
3- لوِ اتَّفقَ الخَصمانِ على أن يُحَكِّما بَينَهما شَخصًا كافِرًا ليَحكُمَ بَينَهما في الأموالِ المُتَنازَعِ عليها، لم يَجُزْ ذلك، ويَكونُ حُكمُه باطِلًا، ولا يَجوزُ للقاضي إمضاؤُه [269] يُنظر: ((شرح الخرشي على مختصر خليل)) (7/ 145)، ((معلمة زايد)) (15/ 111). .

انظر أيضا: