موسوعة القواعد الفقهية

المَبحَثُ السَّابِعُ: العَلاقةُ بَينَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ والقَواعِدِ القانونيَّةِ


القَواعِدُ القانونيَّةُ: نِسبةً إلى القانونِ، والمُرادُ به: مَجموعةُ القَواعِدِ التي تَحكُمُ أعمالَ النَّاسِ في المُجتَمَعِ وتُلزِمُهم باحتِرامِها ولَو بالقوةِ إذا لزِمَ الأمرُ [97] يُنظر: ((القواعد الكلية)) لمحمد شبير (ص: 36). .
ومِن خِلالِ ذلك يَظهَرُ أنَّ القَواعِدَ الفِقهيَّةَ والقَواعِدَ القانونيَّةَ يَشتَبِهانِ في كَونِ كُلٍّ مِنهما قَواعِدَ تَنظيميَّةً [98] يُنظر: مقدمة: ((إيضاح المسالك للونشريسي)) لأحمد الخطابي (ص: 123). .
وتَختَلِفُ القَواعِدُ الفِقهيَّةُ عَنِ القَواعِدِ القانونيَّةِ مِن خِلالِ عِدَّةِ أُمورٍ هي [99] يُنظر: ((القواعد الكلية)) لمحمد شبير (ص: 36- 39)، مقدمة: ((إيضاح المسالك للونشريسي)) لأحمد الخطابي (ص: 123 - 124). :
1- مِن حَيثُ المَصدَرُ والنَّشأةُ والصِّياغةُ:
فالقَواعِدُ الفِقهيَّةُ انبَثَقَت أساسًا مِن تَشريعٍ إلَهيٍّ بحَيثُ مِنَ المُستَحيلِ أن تَجِدَ حُكمًا تَضَمَّنَته مِن غَيرِ أن يَكونَ مُستَمَدًّا مِن كِتابِ اللهِ، أو سُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو مُستَلهَمًا مِن روحِ الشَّريعةِ ومَقاصِدِها.
أمَّا القَواعِدُ القانونيَّةُ وقَوانينُ التَّشريعِ الحَديثِ فإنَّها مُنبَثِقةٌ مِن عَقلِ الإنسانِ وقَوانينِ الطَّبيعةِ والأعرافِ والعاداتِ التي تَستَقِرُّ في المُجتَمَعِ؛ لذا كانَ تَشريعًا ناقِصًا ما دامَ لم يَستَنِدْ إلى تَشريعٍ إلَهيٍّ.
2- مِن حَيثُ الشُّمولُ:
فإنَّ القَواعِدَ المُستَمَدَّةَ مِن شَرعِ اللهِ أشمَلُ وأعَمُّ وأصلَحُ؛ لكَونِها تَرمي إلى تَهذيبِ سُلوكِ الإنسانِ مَعَ خالِقِه، وسُلوكِه مَعَ الأفرادِ والجَماعةِ، وتَرسُمُ طَريقَ الإصلاحِ والصَّلاحِ للإنسانِ في العاجِلِ والآجِلِ، فهيَ تَشمَلُ الجانِبَ الدِّينيَّ والقَضائيَّ.
أمَّا القَواعِدُ القانونيَّةُ فإنَّها لا تَهتَمُّ إلَّا بالجَوانِبِ القَضائيَّةِ، وتَنظيمِ عَلاقةِ الأفرادِ فيما بَينَهم، وعَلاقَتِهم بالدَّولةِ، وعَلاقةِ الدَّولةِ بغَيرِها مِنَ الدُّولِ، وبِالمَصلَحةِ الدُّنيَويَّةِ فقط.
3- مِن حَيثُ الظَّاهِرُ والباطِنُ:
القَواعِدُ الفِقهيَّةُ تَأخُذُ بالظَّاهِرِ والباطِنِ، فالِاعتِقادُ يَجعَلُ الشَّيءَ حَلالًا أو حَرامًا، صَحيحًا أو فاسِدًا، طاعةً أو مَعصيةً، أمَّا القَواعِدُ القانونيَّةُ فإنَّها تَأخُذُ بالظَّاهِرِ ولا تَلتَفِتُ إلى بَواطِنِ الأُمورِ.
ففي القَواعِدِ الفِقهيَّةِ نَجِدُ البَواعِثَ المُنافيةَ للأخلاقِ تُؤَثِّرُ في المُعامَلةِ، فإذا ثَبَتَ أنَّ الفَردَ الموصيَ يَهدفُ مِن وراءِ الوصيَّةِ إلى الإضرارِ بالورَثةِ فعِندَئِذٍ يُحكَمُ ببُطلانِ الوصيَّةِ.

انظر أيضا: