موسوعة القواعد الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: العَلاقةُ بَينَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ والنَّظَريَّاتِ الفِقهيَّةِ


استَخلَصَ بَعضُ المُعاصِرينَ الذينَ جَمَعوا بَينَ دِراسةِ الفِقهِ الإسلاميِّ ودِراسةِ القَوانينِ الوضعيَّةِ عِلمَ النَّظَريَّاتِ الفِقهيَّةِ، وبَوَّبوها على هذا النَّمَطِ، وعَرَّفوها بأنَّها: مَوضوعاتٌ فِقهيَّةٌ أو مَوضوعٌ يَشتَمِلُ على مَسائِلَ فِقهيَّةٍ أو قَضايا فِقهيَّةٍ، وحَقيقَتُها: أركانٌ وشُروطٌ وأحكامٌ تَقومُ بَينَ كُلٍّ مِنها صِلةٌ فِقهيَّةٌ، تَجمَعُها وحدةٌ مَوضوعيَّةٌ تَحكُمُ هذه العَناصِرَ جَميعًا [78] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لعلي الندوي (ص: 54). .
فهيَ تلك المَفاهيمُ الكُبرى التي يُؤَلِّفُ كُلٌّ مِنها على حِدةٍ نِظامًا مَوضوعيًّا مُنبَثًّا في الفِقهِ الإسلاميِّ، وتَحكُمُ عَناصِرُ ذلك النِّظامِ في كُلِّ ما يَتَّصِلُ بمَوضوعِه مِن شُعَبِ الأحكامِ، وذلك كَفِكرةِ "المِلكيَّةِ" وأسبابِها، وفِكرةِ "العَقدِ" وقَواعِدِه ونَتائِجِه، وفِكرةِ "الأهليَّةِ" وأنواعِها ومَراحِلِها وعَوارِضِها، وفِكرةِ "النِّيابةِ" وأقسامِها، وفِكرةِ "البُطلانِ والفَسادِ والتَّوقُّفِ"... إلى غَيرِ ذلك مِنَ النَّظَريَّاتِ [79] يُنظر: ((المدخل الفقهي العام)) لمصطفى الزرقا (1/ 329). .
فالفِقهُ الإسلاميُّ في مَراجِعِه القديمةِ لا توجَدُ فيه نَظَريَّةٌ عامَّةٌ للعَقدِ، بَل هو يَستَعرِضُ العُقودَ المُسَمَّاةَ عَقدًا عَقدًا، وعَلى الباحِثِ أن يَستَخلِصَ النَّظَريَّةَ العامَّةَ للعَقدِ مِن بَينِ الأحكامِ المُختَلِفةِ لهذه العُقودِ المُسَمَّاةِ، فيَقِفُ عِندَ الأحكامِ المُشتَرَكةِ التي تَسري على الكَثرةِ الغالِبةِ مِن هذه العُقودِ [80] يُنظر: ((مصادر الحق)) للسنهوري (6/ 19- 20)، ((القواعد الفقهية)) لعلي الندوي (ص: 54). .
الفُروقُ بَينَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ والنَّظَريَّاتِ الفِقهيَّةِ:
القَواعِدُ الفِقهيَّةُ ضَوابِطُ وأُصولٌ فِقهيَّةٌ تَجمَعُ الفُروعَ والجُزئيَّاتِ، ويَعتَمِدُ عليها الفَقيهُ والمُفتي في مَعرِفةِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ، أمَّا النَّظَريَّاتُ الفِقهيَّةُ فهيَ دَساتيرُ ومَفاهيمُ كُبرى تُشَكِّلُ نِظامًا مُتَكامِلًا في جانِبٍ كَبيرٍ مِن جَوانِبِ الحَياةِ والتَّشريعِ، وكُلُّ نَظَريَّةٍ تَشمَلُ مَجموعةً مِنَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ. والقَواعِدُ الفِقهيَّةُ إنَّما هيَ ضَوابِطُ وأُصولٌ فِقهيَّةٌ تُراعى في تَخريجِ أحكامِ الحَوادِثِ ضِمنَ حُدودِ تلك النَّظَريَّاتِ الكُبرى [81] يُنظر: ((المدخل الفقهي العام)) لمصطفى الزرقا (2/ 966)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/ 25). .
فقاعِدةُ: (العِبرةُ في العُقودِ للمَقاصِدِ والمَعاني) ليسَت سِوى ضابِطٍ في ناحيةٍ مَخصوصةٍ مِن مَيدانِ أصلِ نَظَريَّةِ العَقدِ، وهَكَذا سِواها مِنَ القَواعِدِ [82] يُنظر: ((المدخل الفقهي العام)) لمصطفى الزرقا (1/ 330). .

انظر أيضا: