موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الرَّابعَ عَشَرَ: كُلُّ ما تَمحَّض للتَّعَبُّدِ أو غَلبَت عليه شائبتُه فإنَّه يَفتَقِرُ إلى النِّيَّةِ


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَةِ: "كُلُّ ما تَمحَّض للتَّعَبُّدِ أو غَلبَت عليه شائبتُه فإنَّه يَفتَقِرُ إلى النِّيَّةِ" [146] يُنظر: ((القواعد)) للمقري (1/265). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
الأفعالُ التَّعَبُّديَّةُ -كالصَّلاةِ وغَيرِها مِنَ العِباداتِ المَحضةِ، أو ما غَلبَ فيها جانِبُ التَّعَبُّدِ- تَحتاجُ إلى النِّيَّةِ؛ فإنَّ صورةَ الفِعلِ في العِباداتِ لا تَكونُ كافيةً في تَحصيلِه؛ فالصَّلاةُ مَثَلًا شُرِعَت لتَعظيمِ الرَّبِّ تعالى وإجلالِه، والتَّعظيمُ إنَّما يَحصُلُ بالقَصدِ، ألَا تَرى أنَّك لو صَنَعتَ ضيافةً لإنسانٍ فأكَلَها غَيرُه مِن غَيرِ قَصدِك لكُنتَ مُعَظِّمًا للأوَّلِ دونَ الثَّاني بسَبَبِ قَصدِك ونيَّتِك، فما لا قَصدَ فيه لا تَعظيمَ فيه، فيَلزَمُ أنَّ العِباداتِ كُلَّها يُشتَرَطُ فيها القَصدُ؛ لأنَّها إنَّما شُرِعَت لتَعظيمِ اللَّهِ تعالى [147] يُنظر: ((الفروق)) (1/130)، ((الذخيرة)) (1/190) كلاهما للقرافي، ((القواعد)) للمقري (1/265)، ((مطالع الدقائق)) للإسنوي (1/233)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/233)، ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (2/714)، ((لوامع الدرر)) للمجلسي الشنقيطي (1/397). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ مِنَ السُّنَّةِ ما سَبَقَ في قاعِدةِ: (الأُمورُ بمَقاصِدِها).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الحَجُّ؛ فإنَّه عِبادةٌ مَحضةٌ، فتَحتاجُ إلى نيَّةِ الدُّخولِ في النُّسُكِ، فما لم يَنوِ لم يَصِحَّ مِنه؛ لأنَّ المَقصودَ مِنَ النُّسُكِ تَعظيمُ اللَّهِ تعالى والخُضوعُ له، وذلك إنَّما يَحصُلُ إذا قُصِدَ مِن أجلِه [148] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/190)، ((القواعد)) للمقري (1/265)، ((مطالع الدقائق)) للإسنوي (1/233)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/233)، ((عمدة السالك)) لابن النقيب (ص: 126)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/50)، ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (3/553). .
2- التَّيَمُّمُ عِبادةٌ مَحضةٌ للَّهِ، فتَحتاجُ إلى نيَّةٍ للاعتِدادِ بها شَرعًا، فإذا لم يَنوِ لم يَصِحَّ التَّيَمُّمُ [149] يُنظر: ((شرح المنهج)) للمنجور (2/ 715). .
3- الصَّلاةُ عِبادةٌ مَحضةٌ للَّهِ، فافتَقَرَت إلى نيَّةٍ للاعتِدادِ بها شَرعًا [150] يُنظر: ((شرح المنهج)) للمنجور (2/ 715)، ((الأصل الجامع)) للسيناوني (1/ 43)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/ 75). .

انظر أيضا: