موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ السَّادِسُ: الأصلُ مُساواةُ الفَرضِ للنَّفلِ في النِّيَّةِ


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَةِ: "الأصلُ مُساواةُ الفَرضِ للنَّفلِ في النِّيَّةِ" [75] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/170)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/ 155). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
أنَّ العِباداتِ التي تَقَعُ فرضًا ونَفلًا -كالصَّلاةِ مَثَلًا- إذا وجَبَتِ النِّيَّةُ في فَرضِها وجَبَت في نَفلِها [76] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/91)، ((المغني)) لابن قدامة (2/170). .
فتُفيدُ هذه القاعِدةُ الفرعيَّةُ مَعنى العُمومِ الذي في القاعِدةِ الأُمِّ (الأُمورُ بمَقاصِدِها)؛ إذ جَميعُ الأعمالِ تَفتَقِرُ إلى نيَّةٍ، ولكِن تَزيدُ القاعِدةُ الفرعيَّةُ عليها بَيانَ أنَّ حُكمَ النِّيَّةِ في النَّفلِ يَتبَعُ فَرضَه.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ عُمومُ الأدِلَّةِ المَذكورةِ في قاعِدةِ (الأُمورُ بمَقاصِدِها).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- أنَّ الغُسلَ الواجِبَ -كالغُسلِ مِنَ الجَنابةِ- تَجِبُ فيه النِّيَّةُ؛ لأنَّها إذا وجَبَت في الطَّهارةِ الصُّغرى -وهيَ الوُضوءُ- فوُجوبُها في الكُبرى أَولى، وإذا كانتِ النِّيَّةُ مُستَحَقَّةً في الغُسلِ الواجِبِ كانت مُستَحَقَّةً في الغُسلِ المَسنونِ، كغُسلِ العيدَينِ ونَحوِه؛ لتَمَيُّزِه عنِ الواجِبِ عَمَّا ليسَ بعِبادةٍ [77] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/91). .
2- المُنفرِدُ وهو في صَلاتِه المَفروضةِ يُصبحُ إمامًا في صَلاةِ الفَرضِ، فيُقالُ: قد صَحَّت إمامةُ المُنفرِدِ في صَلاةِ النَّافِلةِ [78] يُستَدَلُّ لذلك بحَديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ في حُجرَتِه، وجِدارُ الحُجرةِ قَصيرٌ، فرَأى النَّاسُ شَخصَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقامَ أُناسٌ يُصَلُّونَ بصَلاتِه، فتحَدَّثوا بذلك، فقامَ مَعَه أُناسٌ يُصَلُّونَ بصَلاتِه، صَنَعوا ذلك ليلتَينِ أو ثَلاثةً)). أخرجه البخاري (729)، ومسلم (761). وحَديثُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بِتُّ ذاتَ ليلةٍ عِندَ خالتي مَيمونةَ، فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي مُتَطَوِّعًا مِنَ اللَّيلِ، فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى القِربةِ فتَوضَّأ، فقامَ فصَلَّى، فقُمتُ لمَّا رَأيتُه صَنَع ذلك، فتَوضَّأتُ مِنَ القِربةِ، ثُمَّ قُمتُ إلى شِقِّه الأيسَرِ، فأخَذَ بيَدي مِن وراءِ ظَهرِه يَعدِلُني كذلك مِن وراءِ ظَهرِه إلى الشِّقِّ الأيمَنِ)). أخرجه البخاري (117) بنحوه، ومسلم (763) واللَّفظُ له. ، فكذلك تَصِحُّ إمامةُ المُنفرِدِ في صَلاةِ الفرضِ؛ لأنَّ الأصلَ مُساواةُ الفَرضِ للنَّفلِ في النِّيَّةِ [79] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/ 73- 74)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/ 155)، ((مقاصد المكلفين)) لعمر الأشقر (ص: 245). .

انظر أيضا: