المَطلَبُ السَّادِسُ والعِشرونَ: ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ مِثلُه
أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ مِثلُه"
[6434] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/20). ، وصيغةِ: "ما صَحَّ في النَّفلِ صَحَّ في الفَرضِ إلَّا بدَليلٍ"
[6435] يُنظر: ((الجامع في أحكام صفة الصلاة)) للدبيان (3/67). ، وصيغةِ: "ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ إلَّا بدَليلٍ"
[6436] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/240). ، وصيغةِ: "ما يَصِحُّ في النَّفلِ يَصِحُّ في الفَرضِ إلَّا بدَليلٍ"
[6437] يُنظر: ((موسوعة أحكام الطهارة)) للدبيان (5/190). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ إلَّا بدَليلٍ؛ لكَونِهما عِبادةً مِن جِنسٍ واحِدٍ، والأصلُ تَساويهما في الحُكمِ، فكُلُّ ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ، إلَّا ما جاءَ الدَّليلُ بخُصوصِ النَّفلِ به دونَ الفَرضِ
[6438] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/20)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/240)، ((الجامع في أحكام صفة الصلاة)) للدبيان (2/32)، ((فضل الرحيم الودود)) لياسر فتحي (7/225). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ:
فعَن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي في السَّفَرِ على راحِلَتِه حَيثُ تَوجَّهَت به، يومِئُ إيماءً، صَلاةَ اللَّيلِ، إلَّا الفَرائِضَ، ويوتِرُ على راحِلَتِهـ)) [6439] أخرجه البخاري (1000) واللفظ له، ومسلم (700). .
وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم لَمَّا حَكَوا صَلاةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على راحِلَتِه في السَّفَرِ وأنَّه يوتِرُ عليها، قالوا: "غَيرَ أنَّه لا يُصَلِّي عليها المَكتوبةَ"، فلَولا أنَّ الفَرضَ يُحذى به حَذوَ النَّفلِ ما كان للاستِثناءِ فائِدةٌ، فلَمَّا قالوا: "غَيرَ أنَّه لا يُصَلِّي عليها المَكتوبةَ" عَلِمنا أنَّهم فهموا أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفلِ ثَبَتَ في الفَرضِ، وإلَّا لَما احتيجَ إلى الاستِثناءِ
[6440] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/241). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.تَندَرِجُ تحتَ هذه القاعِدةِ بعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- الفَرضُ والنَّفلُ لا يَختَلِفانِ في حُكمِ القِراءةِ؛ لأنَّ ما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ مِثلُه، كما لا يَختَلِفانِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ وسائِرِ أركانِ الصَّلاةِ
[6441] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/20). .
2- إذا كان الرَّجُلُ يُصَلِّي وحدَه، يَجوزُ أن يَدخُلَ مَعَه آخَرُ ويَكونَ إمامًا له، وتَصِحُّ صَلاتُهما؛ لأنَّ ابنَ عَبَّاسٍ باتَ عِندَ خالَتِه مَيمونةَ فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي في اللَّيلِ، ثُمَّ جاءَ ابنُ عَبَّاسٍ فدَخَلَ مَعَه ومَضى في صَلاتِه
[6442] لفظُه: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه باتَ عِندَ خالَتِه مَيمونةَ، فقامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ اللَّيلِ، فتَوضَّأ مِن شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضوءًا خَفيفًا، قال: وصَفَ وُضوءَه، وجَعَلَ يُخَفِّفُه ويُقَلِّلُه، قال ابنُ عَبَّاسٍ: فقُمتُ فصَنَعتُ مِثلَ ما صَنَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ جِئتُ فقُمتُ عَن يَسارِه، فأخلَفَني فجَعَلَني عَن يَمينِه، فصَلَّى، ثُمَّ اضطَجَعَ فنامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أتاه بلالٌ فآذَنَه بالصَّلاةِ، فخَرَجَ فصَلَّى الصُّبحَ ولَم يَتَوضَّأ. أخرجه البخاري (138)، ومسلم (763) واللفظ له. ، وهذا في صَلاةِ اللَّيلِ، وما جازَ في النَّفلِ جازَ في الفَرضِ إلَّا بدَليلٍ، ولا دَليلَ على التَّفريقِ بَينَ الفَرضِ والنَّفلِ في هذه المَسألةِ
[6443] يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/446). .
3- اتَّفَقَ فُقَهاءُ الأمصارِ على أنَّ أكلَ النَّاسي لا يُفسِدُ صَومَ التَّطَوُّعِ، فوجَبَ أن يَكونَ الفَرضُ مِثلَه؛ إذ لا يَختَلِفانِ في أنَّ تَركَ الأكلِ مِن شَرائِطِ صِحَّتِها
[6444] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (2/413). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.استثناءاتٌ:يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ، وهيَ الفُروعُ المُندَرِجةُ تَحتَ القاعِدةِ السَّابِقةِ: (النَّفلُ أوسَعُ مِنَ الفَرضِ).