موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: كُلُّ ما يُفسِدُ العِبادةَ عَمدًا يُفسِدُها سَهوًا


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ ما يُفسِدُ العِبادةَ عَمدًا يُفسِدُها سَهوًا" [6047] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 387)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/645). ، وصيغةِ: "السَّهوُ كالعَمدِ في النَّقضِ" [6048] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (1/192). ، وصيغةِ: "الإفسادُ في العِباداتِ كالإتلافِ في المَحسوساتِ" [6049] يُنظر: ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 96). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
اشتَهرَ استِعمالُ هذه القاعِدةِ عِندَ المالِكيَّةِ، وهيَ تُفيدُ أنَّ الدُّخولَ في العِبادةِ يوجِبُ الامتِناعَ عَمَّا يُخالِفُها أو يُبطِلُها أو يُفسِدُها إذا صَدَرَ الأمرُ مِنَ الإنسانِ عَمدًا بإرادَتِه، أو سَهوًا بدونِ إرادَتِه [6050] يُنظر: ((الإشراف)) (1/435)، ((شرح الرسالة)) (1/277) كلاهما للقاضي عبد الوهاب، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/645). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالسُّنَّةِ، والقياسِ:
1- مِنَ السُّنَّةِ:
عَن عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كُنتُ رَجُلًا مَذَّاءً، وكُنتُ أستَحيي أن أسألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لمَكانِ ابنَتِه، فأمَرتُ المِقدادَ بنَ الأسودِ فسَألَه، فقال: ((يَغسِلُ ذَكَرَه ويَتَوضَّأُ)) [6051] أخرجه البخاري (132)، ومسلم (303) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوجَبَ الوُضوءَ مِنَ المَذيِ، وإن كان يَخرُجُ بغَيرِ اختيارِه، فدَلَّ على أنَّ السَّهو كالعَمدِ في النَّقضِ [6052] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (1/192). .
2- مِنَ القياسِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقياسِ على ضَمانِ المُتلَفاتِ؛ فكَما أنَّ المُتلَفاتِ تُضمَنُ سَواءٌ أُتلِفَت عَمدًا أو خَطَأً، فكَذلك العِباداتُ تُجبَرُ عِندَ تَفويتِها عَمدًا أو سَهوًا، وهذا القياسُ هو المُعَبَّرُ عَنه في صيغةِ: "الإفسادُ في العِباداتِ كالإتلافِ في المَحسوساتِ" [6053] يُنظر: ((تخريج الفروع على الأصول)) للزنجاني (ص: 96)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 388)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/646). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تحتَ هذه القاعِدةِ بعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- الحَدَثُ في الطَّهارةِ والصَّلاةِ يَستَوي فيه العَمدُ والسَّهوُ؛ لأنَّ الحَدَثَ يُنافي الطَّهارةَ والصَّلاةَ، فعَمدُه كَسَهوِه [6054] يُنظر: ((عيون الأدلة)) لابن القصار (4/544)، ((شرح الرسالة)) للقاضي عبد الوهاب (1/277). .
2- تَبطُلُ الصَّلاةُ بالفِعلِ الذي يَقطَعُ الموالاةَ فيها، والسَّهوُ كالعَمدِ في ذلك [6055] يُنظر: ((الممتع)) لابن المنجى (1/383). .
3- إذا وطِئَ المُظاهرُ في خِلالِ صَومِ الشَّهرَينِ استَأنَفَ على أيِّ وجهٍ كان، سَهوًا أو عَمدًا، لَيلًا أو نَهارًا [6056] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/775). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استثناءٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ، مِنها: أنَّ الكَلامَ سَهوًا في الصَّلاةِ لا يُفسِدُها عِندَ المالِكيَّةِ؛ لأنَّ الصَّلاةَ تَصِحُّ مَعَ جِنسِ الكَلامِ في العَمدِ على وجهٍ [6057] يُنظر: ((عيون الأدلة)) لابن القصار (4/526)، ((شرح الرسالة)) للقاضي عبد الوهاب (1/277). .

انظر أيضا: