موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: كُلُّ ما لم يَمنَعِ العَقدَ على العَينِ لم يَمنَعِ العَقدَ على مَنفعَتِها


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ ما لم يَمنَعِ العَقدَ على العَينِ لم يَمنَعِ العَقدَ على مَنفعَتِها" [5503] يُنظر: ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 355)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/616). ، وصيغةِ: "كُلُّ صِفةٍ لم تمنَعِ البَيعَ لم تَمنَعِ الإجارةَ لكُلِّ ما يَجوزُ بَيعُه" [5504] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/655). ، وصيغةِ: "لما جازَ العَقدُ على الأعيانِ وجَبَ أن تَجوزَ الإجارةُ على المَنافِعِ" [5505] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/6). ، وصيغةِ: "كُلُّ شَيءٍ جازَ بَيعُه فلا بَأسَ أن يُستَأجَرَ به" [5506] يُنظر: ((المدونة)) لسحنون (3/418). ، وصيغةِ: "العَقدُ على الأعيانِ كالعَقدِ على مَنافِعِها" [5507] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/575). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ كُلَّ صِفةٍ لم تمنَعِ البَيعَ لم تَمنَعِ الإجارةَ لكُلِّ ما يَجوزُ بَيعُه؛ فإنَّ مَحَلَّ العَقدِ إمَّا أن يَكونَ على العَينِ كما في البَيعِ والهبةِ، وإمَّا على المَنافِعِ كالإجارةِ. وكُلُّ عَينٍ يُمكِنُ أن تَكونَ مَحَلًّا للعَقدِ يَصِحُّ أن تَكونَ مَنفعَتُها مَحَلًّا له؛ لأنَّ المَنفعةَ هيَ المَقصودُ أصلًا مِنَ الأعيانِ [5508] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/655)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 355)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/616). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (المَنافِعُ لها حُكمُ الأعيانِ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّه كما يَجوزُ العَقدُ على العَينِ يَجوزُ العَقدُ على مَنفعَتِها؛ لأنَّ المَنافِعَ مُنَزَّلةٌ مَنزِلةَ الأعيانِ، وتَأخُذُ حُكمَها.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (المَنافِعُ لها حُكمُ الأعيانِ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إجارةُ المشاعِ جائِزةٌ؛ لأنَّ الشَّريكَ كما يَجوزُ له أن يَبيعَ نَصيبَه المشاعَ (وهو المالُ المُشتَرَكُ)، فكَذلك يَجوزُ له أن يُؤَجِّرَه لأيِّ إنسانٍ [5509] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/655)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الروقي (ص: 355)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/616). .
2- لا تَنفسِخُ الإجارةُ بمَوتِ أحَدِ المُتَعاقِدينِ عِندَ الجُمهورِ، ويَقومُ وارِثُه مَقامَه؛ لأنَّ المَنافِعَ كالأعيانِ، والعَقدُ على العَينِ لا يَبطُلُ بمَوتِ أحَدِ المُتَعاقِدَينِ، فكَذا العَقدُ على المَنافِعِ [5510] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/653)، ((المبسوط)) للسرخسي (15/153)، ((فتح باب العناية)) للقاري (2/444). .
3- إذا لم يَجُزْ عَقدُ بَيعٍ على عَينٍ مَغصوبةٍ لم يَجُزْ بالمُقابِلِ العَقدُ على مَنفعَتِها؛ لأنَّ الغَصبَ كما يَمنَعُ بَيعَ العَينِ يَمنَعُ إجارَتَها [5511] يُنظر: ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/561). .
4- لا تَصِحُّ الإجارةُ إلَّا على مَنفعةٍ مَعلومةِ القَدرِ؛ لأنَّ المَنافِعَ كالأعيانِ، فلَمَّا لم يَجُزِ العَقدُ على الأعيانِ مَعَ الجَهلِ بها، فكَذلك العَقدُ على المَنافِعِ [5512] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (7/302). .

انظر أيضا: