موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ الخامِسُ: كُلُّ ما ضُمِنَ كُلُّه بالقيمةِ ضُمِنَ بَعضُه ببَعضِها


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ ما ضُمِنَ كُلُّه بالقيمةِ ضُمِنَ بَعضُه ببَعضِها" [4090] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/349)، ((المنثور)) للزركشي (2/344)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/106). ، وصيغةِ: "ما ضُمِنَ كُلُّه ضُمِن جُزؤُه بالأَرْشِ [4091] المُرادُ بالأَرْشِ: أن يُنظَرَ ما بَينَ قيمَتِها سَليمةً ومَعيبةً، فيُؤخَذَ قَدرُه مِنَ الثَّمَنِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/ 254)، ((شرح المقنع)) للبهاء المقدسي (3/ 249). " [4092] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 362). ، وصيغةِ: "ما ضُمِنَ كُلُّه ضُمِن بَعضُه" [4093] يُنظر: ((النجم الوهاج)) للدميري (6/41). ، وصيغةِ: "مَن ضَمِنَ الجُملةَ ضَمِنَ الأبعاضَ" [4094] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (6/191). ، وصيغةِ: "ما ضُمِنَ كُلُّه ضُمِن جُزؤُه" [4095] يُنظر: ((تدريب المبتدي)) للبلقيني (1/332)، ((النجم الوهاج)) للدميري (5/213). ، وصيغةِ: "العَينُ والأجزاءُ تَتَساوى في الضَّمانِ" [4096] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (7/3272). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
الشَّيءُ الذي يُلزَمُ الإنسانُ بضَمانِه بالكامِلِ إذا أتلَفه، فإنَّه يُلزَمُ كذلك بضَمانِ الأجزاءِ التي أتلَفها مِنه، ويَكونُ ذلك بنَفسِ الطَّريقةِ التي يَضمَنُ بها الكُلَّ، أي: أنَّ الضَّمانَ يُقدَّرُ بحَسَبِ الجُزءِ المُتلَفِ بناءً على قيمَتِه، فإذا كان الشَّيءُ كامِلًا مَضمونًا بالقيمةِ عِندَ إتلافِه فإنَّ الإتلافَ الجُزئيَّ لهذا الشَّيءِ يُضمَنُ أيضًا بالقيمةِ، بحَيثُ يَلتَزِمُ المُتَسَبِّبُ بالتَّلَفِ بالتَّعويضِ بقيمةِ الجُزءِ المُتلَفِ، وتُعتَبرُ هذه القاعِدةُ مُكَمِّلةً لقاعِدةِ (الضَّمانُ بقَدرِ التَّلَفِ) [4097] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (6/191)، ((التجريد)) للقدوري (7/3272)، ((تدريب المبتدي)) للبلقيني (1/332)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/106)، ((النجم الوهاج)) للدميري (5/213)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 362). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ الآتيةِ:
1- قاعِدةُ: (ما لا يَقبَلُ التَّبعيضَ فاختيارُ بَعضِه كاختيارِ كُلِّهـ).
2- قاعِدةُ: (الأقَلُّ يَتبَعُ الأكثَرَ، وللأكثَرِ حُكمُ الكُلِّ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إن حَدَثَ بالشَّيءِ المَغصوبِ عَيبٌ بَعدَ غَصبِه ضَمِنَ الغاصِبُ ما نَقَصَه المَغصوبُ بسَبَبِ العَيبِ، فلَو أحضَرَ الطَّعامَ مُتَغَيِّرًا ضَمِنَ الغاصِبُ ما نَقَصَه الطَّعامُ بسَبَبِ العَيبِ؛ لأنَّ ما يُضمَنُ كُلُّه يُضمَنُ بَعضُه [4098] يُنظر: ((الأم)) للشافعي (3/248)، ((اختلاف الفقهاء)) لابن جرير (ص: 173)، ((التفريع)) لابن الجلاب (2/298)، ((المنثور)) للزركشي (2/344). .
2- إذا كان المَبيعُ بَعدَ التَّحالُفِ قائِمًا ولَكِنْ مَعيبًا، يُرَدُّ مَعَ مِقدارِ النَّاقِصِ عنِ القيمةِ؛ لأنَّ الكُلَّ مَضمونٌ على البائِعِ بالثَّمَنِ، فكَذا البَعضُ [4099] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/344)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/106). .
3- المُستَعيرُ إذا انتَفعَ بالعاريَّةِ ثُمَّ رَدَّها على صِفتِها فلا شَيءَ عليه؛ لأنَّ المَنافِعَ مَأذونٌ في إتلافِها، فلا يَجِبُ عِوَضُها، وإن تَلِفَ شَيءٌ مِن أجزائِها التي لا تَذهَبُ بالاستِعمالِ ضَمِنَه؛ لأنَّ ما تُضمَنُ جُملَتُه تُضمَنُ أجزاؤُه [4100] يُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (15/93)، ((الفواكه العديدة)) للمنقور (1/330). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
استَثنى بَعضُ العُلَماءِ صُوَرًا مِن هذه القاعِدةِ، ومِن ذلك:
1- الشَّاةُ المُعَجَّلةُ في الزَّكاةِ تُضمَنُ بالتَّلَفِ، فلَو نَقَصَت لَم يَجِبْ أرْشُها [4101] يُنظر: ((تدريب المبتدي)) للبلقيني (1/332)، ((النجم الوهاج)) للدميري (6/41). .
2- لَو طَلَّقَ قَبلَ الدُّخولِ والصَّداقُ تالِفٌ فلَه بَدَلُه، فلَو كان مَعيبًا فلا أرْشَ له إن رَجَعَ في نِصفِه، وإن شاءَ رَجَعَ إلى قيمةِ نِصفِه [4102] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 362). .
3- القَرضُ إذا تَعيَّب ورَجَعَ فيه المُقرِضُ فلا أَرْشَ له، بَل يَأخُذُه ناقِصًا، أو يَأخُذُ مِثلَه [4103] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/345)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 362). .

انظر أيضا: