موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: الحَقُّ بَعدَ ما يَثبُتُ لا يَسقُطُ إلَّا بإسقاطِ صاحِبِ الحَقِّ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: الحَقُّ بَعدَ ما يَثبُتُ لا يَسقُطُ إلَّا بإسقاطِ صاحِبِ الحَقِّ [3507] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/91). ، وصيغةِ: الحَقُّ إذا ثَبَتَ لا يَسقُطُ إلَّا بالإسقاطِ [3508] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/22). ، وصيغةِ: الحَقُّ إذا ثَبَتَ لواحِدٍ لَم يَنتَقِلْ إلى غَيرِه ولَم يَتَعَدَّه [3509] يُنظر: ((الحاوي للفتاوي)) للسيوطي (1/178)، ((العقود الدرية)) لابن عابدين (1/197). ، وصيغةِ: ما يَثبُتُ فيه حَقُّ الغَيرِ لا يَجوزُ أن يُقتَطَعَ عن حَقِّه [3510] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (6/2960). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الحَقَّ الثَّابِتَ لصاحِبِه إنَّما يَسقُطُ بإسقاطِه، فإذا ثَبَتَ على شَخصٍ فإنَّ ذِمَّتَه تَنشَغِلُ به، ولا يَسقُطُ عنه إلَّا بأحَدِ طَريقَينِ: إمَّا دَفعُ الحَقِّ لصاحِبِه، أو إبراءُ صاحِبِه ذلك الشَّخصَ، كالدُّيونِ والغُصوباتِ؛ فإنَّها تَسقُطُ بإسقاطِ صاحِبِها [3511] يُنظر: ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/316)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/216)، ((مقاصد المكلفين)) لعمر الأشقر (ص: 326)، ((تيسير مسائل الفقهـ)) لعبد الكريم النملة (4/682)، ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) لوهبة الزحيلي (4/2874). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفَرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (الحُقوقُ إذا تَقَرَّرَت لأربابِها لا تَسقُطُ إلَّا بما يَصِحُّ به إسقاطُها)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ الحَقَّ إذا ثَبَتَ فقد تَقَرَّرَ لصاحِبِه، فلا يَسقُطُ إلَّا بإسقاطِه؛ لأنَّ الحُقوقَ المُقَرَّرةَ لأصحابِها لا تَسقُطُ إلَّا بما يَصِحُّ به إسقاطُها، كالإبراءِ أوِ العَفوِ مِن صاحِبِ الحَقِّ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (الحُقوقُ إذا تَقَرَّرَت لأربابِها لا تَسقُطُ إلَّا بما يَصِحُّ به إسقاطُها).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ:
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، منها:
1- الأنفُسُ، وإن كانت لَها حُرمَتانِ، فرُبَّما سَقَطَت بإسقاطِ صاحِبِها حُرمَتُها، كما يُقتَلُ مَن قَتَلَ، ويُرجَمُ مَن زَنى وهو مُحصَنٌ [3512] يُنظر: ((شرح التلقين)) للمازري (3/1/123). .
2- النَّفَقةُ بَعدَ ما ثَبَتَت بَعدَ تَحَقُّقِ النِّكاحِ، فلا تَسقُطُ عنِ الزَّوجِ إلَّا بإسقاطِ صاحِبِ الحَقِّ [3513] يُنظر: ((الكافي)) للسغناقي (5/2325)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/216). .
3- الحَقُّ في الدَّينِ يَنتَهي بالأداءِ، أو بالمُقاصَّةِ، أو بالإبراءِ، وهو إسقاطُ صاحِبِ الحَقِّ حَقَّه مِمَّن هو عليه [3514] يُنظر: ((الفقه الإسلامي وأدلتهـ)) لوهبة الزحيلي (4/2874). .

انظر أيضا: