موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الخامِسُ: ما حَرُمَ أخذُه حَرُمَ إعطاؤُه إلَّا لضَرورةٍ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما حَرُمَ أخذُه حَرُمَ إعطاؤُه إلَّا لضَرورةٍ" [2534] يُنظر: ((رد المحتار)) لابن عابدين (2/336). ، وصيغةِ: "ما حَرُمَ أخذُه حَرُمَ إعطاؤُه" [2535] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:150)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/43). ، وصيغةِ: "ما حَرُمَ على الآخِذِ أخذُه حَرُمَ على المُعطي إعطاؤُه" [2536] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/140). ، وصيغةِ: "حَيثُ حَرُمَ الأخذُ حَرُمَ الإعطاءُ" [2537] يُنظر: ((النجم الوهاج) للدميري (9/563). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الأشياءَ التي حَرَّمَ اللهُ تعالى على عِبادِه أخذَها والانتِفاعَ بها يَحرُمُ عليهم إعطاؤُها أيضًا، سَواءٌ أعطَوها على جِهةِ التَّبَرُّعِ أو في مُقابِلِ شَيءٍ آخَرَ؛ لأنَّ إعطاءَها حينَئِذٍ مِن قَبيلِ التَّعاوُنِ على الإثمِ والعُدوانِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ مُكملةً لقاعِدةِ (ما أدَّى إلى الحَرامِ فهو حَرامٌ) [2538] يُنظر: ((درر الحكام)) لعلى حيدر (1/43)، ((شرح القواعد الفقهية)) لأحمد الزرقا (ص:215). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقُرآنِ:
قال اللهُ تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ حَرَّمَتِ الإعانةَ على الحَرامِ، فكَما لا يَجوزُ فِعلُ الحَرامِ لا يَجوزُ الإعانةُ عليه كذلك، وفي إعطاءِ الحَرامِ إعانةٌ عليه [2539] يُنظر: ((الوجيز)) للواحدي (ص:306)، ((تفسير القرطبي)) (6/46)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (6/157). .
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- النِّياحةُ على المَيِّتِ حَرامٌ، ويَحرُمُ إعطاءُ أُجرةٍ عليها؛ لأنَّه يَحرُمُ أخذُ الأُجرةِ عليها، وحَيثُ حَرُمَ الأخذُ حَرُمَ الإعطاءُ [2540] يُنظر: ((الإجماع)) لابن المنذر (ص:107)، ((المنثور)) للزركشي (3/140)، ((النجم الوهاج) للدميري (9/563)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص:132)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/338). .
2- يَحرُمُ إعطاءُ الرِّشوةِ للقاضي ليَحكُمَ له بغَيرِ حَقٍّ، فكَما حَرُمَ أخذُها حَرُمَ إعطاؤُها، ولو دَفعَ الوصيُّ في دَعوةِ القاصِرِ رِشوةً للحاكِمِ مِن مالِ القاصِرِ ليَحكُمَ له بغَيرِ الحَقِّ، فإنَّ الوليَّ يَضمَنُ ذلك المالَ [2541] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/140)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص:132)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/43). .
3 - الرِّبا يَحرُمُ أخذُه ويَحرُمُ إعطاؤُه؛ لأنَّ ما حَرُمَ أخذُه حَرُمَ إعطاؤُه [2542] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:150)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص:132). .
4- أخذُ المُشَعوِذينَ -الذينَ يَزعُمونَ قِراءةَ الكَفِّ والفِنجانِ وغَيرِ ذلك- أموالًا مِنَ النَّاسِ حَرامٌ، كَما أنَّ إعطاءَ النَّاسِ لهم أموالًا حَرامٌ؛ لأنَّ ما حَرُمَ أخذُه حَرُمَ إعطاؤُه [2543] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:150)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص:132)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/43). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
استَثنى أهلُ العِلمِ مِن هذه القاعِدةِ بَعضَ الصُّوَرِ، مِنها: لو خاف الوصيُّ أن يَستَوليَ غاصِبٌ على المالِ فله أن يُؤَدِّيَ شَيئًا مِنَ المالِ له للخَلاصِ مِنه، ولَكِن يَحرُمُ على الآخِذِ أخذُه [2544] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/140)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:150)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص:132). .

انظر أيضا: