موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: حَيثُ حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ المَسُّ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "حَيثُ حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ المَسُّ" [2513] يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (7/27)، ((تدريب المبتدي)) للبلقيني (3/33). ، وصيغةِ: "كُلُّ ما حَرُمَ النَّظَرُ إليه حَرُمَ مَسُّه" [2514] يُنظر: ((الغاية في اختصار النهاية)) للعز بن عبد السلام (5/84)، ((المجموع)) للنووي (4/635). ، وصيغةِ: "كُلُّ عُضوٍ حَرُمَ النَّظَرُ إليه حَرُم مَسُّه بطَريق أَولى" [2515] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/367)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص:475). ، وصيغةِ: "كُلُّ ما حَرُمَ نَظَرُه حَرُم مَسُّه" [2516] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/114). ، وصيغةِ: "مَتى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُم المَسُّ" [2517] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/189)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (3/1179). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ المَوضِعَ الذي يَحرُمُ النَّظَرُ إليه فإنَّه يَحرُمُ لمسُه مِن باب أَولى؛ لأنَّ اللَّمسَ أبلَغُ في اللَّذَّةِ وأعظَمُ في إثارةِ الشَّهوةِ مِنَ النَّظَرِ، وقيلَ: إنَّ التَّعبيرَ بـ(حَيثُ) أَولى؛ لأنَّ حَيثُ اسمُ مَكانٍ، والمَقصودُ أنَّ المَكانَ الذي يَحرُمُ نَظَرُه يَحرُمُ مَسُّه، بخِلافِ التَّعبيرِ بـ(مَتى)؛ فإنَّها اسمُ زَمانٍ لا يَلزَمُ مِنها المَكانُ، وأُجيبَ بأنَّ الزَّمانَ أيضًا مَقصودٌ؛ فإنَّ الأجنَبيَّةَ يَحرُمُ النَّظَرُ إليها بشَهوةٍ، فإذا عَقَدَ عليها جازَ، فإذا طَلَّقَها حَرُمَ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ تَطبيقًا لقاعِدةِ (ما أدَّى إلى الحَرامِ فهو حَرامٌ) [2518] يُنظر: ((النجم الوهاج)) للدميري (7/32)، ((تحرير الفتاوى)) لابن العراقي (2/517). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ القُرآنُ:
قال اللهُ تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور: 30-31] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ دَلَّت بمَنطوقِها على حُرمةِ النَّظَرِ، ودَلَّت بمَفهومِ الموافَقةِ على حُرمةِ المَسِّ؛ لأنَّ المَسَّ أقوى مِنَ النَّظَرِ وأبلَغُ في اللَّذَّةِ، فإذا حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ المَسُّ بطَريقِ الأَولى [2519] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/367)، ((المنثور)) للزركشي (3/114)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/189). .
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- يَحرُمُ على الرَّجُلِ دَلكُ فَخِذِ رَجُلٍ بلا حائِلٍ؛ لأنَّ الفَخِذَ عَورةٌ يَحرُمُ النَّظَرُ إليها، فيَحرُمُ مَسُّها، فإن كان ذلك فوقَ إزارٍ جازَ إذا لم تُخشَ فِتنةٌ [2520] يُنظر: ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (3/1179). .
2- يَحرُمُ على الرَّجُلِ لَمسُ المَرأةِ الأجنَبيَّةِ بدونِ حائِلٍ عِندَ انتِفاءِ الضَّرورةِ؛ لأنَّ ما حَرُمَ النَّظَرُ إليه حَرُم مَسُّه [2521] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (7/201)، ((فتاوى الخليلي على المذهب الشافعي)) (2/240). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
1- يَحِلُّ النَّظَرُ إلى الأجنَبيَّةِ في البَيعِ والشِّراءِ والأخذِ والعَطاءِ ونَحوِها، ولا يَجوزُ مَسُّها في شَيءٍ مِن ذلك [2522] يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/635)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (3/113). .
2- الطَّبيبُ إذا احتاجَ إلى المَسِّ دونَ النَّظَرِ فإنَّه لا يُباحُ له إلَّا ما احتاجَ إليه، وهو المَسُّ دونَ النَّظَرِ [2523] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/367)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/189). .

انظر أيضا: