موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: ما أدَّى إلى المَكروهِ فمَكروهٌ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما أدَّى إلى المَكروهِ فمَكروهٌ" [2486] يُنظر: ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/285)، ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (9/1690). ، وصيغةِ: "التَّوسُّلُ إلى المَكروهِ مَكروهٌ" [2487] يُنظر: ((شرح الإلمام بأحاديث الأحكام)) لابن دقيق العيد (2/123). ، وصيغةِ: "الموصِلُ إلى المَكروهِ مَكروهٌ" [2488] يُنظر: ((الكوكب الدري)) للكنكوهي (2/205). ، وصيغةِ: "وسائِلُ المَكروهِ مَكروهةٌ" [2489] يُنظر: ((قواعد الأحكام)) للعز بن عبد السلام (1/ 129)، ((رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة)) للسعدي (ص: 57). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
لمَّا كانتِ المَقاصِدُ لا يُتَوصَّلُ إليها إلَّا بأسبابٍ وطُرُقٍ تُفضي إليها، كانت طُرُقُها وأسبابُها تابِعةً لها مُعتَبَرةً بها، فوسائِلُ المُحَرَّماتِ والمَعاصي في كَراهَتِها والمَنعِ مِنها بحَسَبِ إفضائِها إلى غاياتِها وارتِباطِها بها، فما أدَّى إلى المَكروهِ فإنَّه يَكونُ مَكروهًا، ولا يُنظَرُ إلى كَونِه مُباحًا في ذاتِه ما دام وسيلةً إلى مَكروهٍ؛ فإنَّه يَأخُذُ حُكمَ ما أوصَلَ إليه، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ مُكملةً لقاعِدةِ (ما أدَّى إلى الحَرامِ فهو حَرامٌ) [2490] يُنظر: ((شرح الإلمام بأحاديث الأحكام)) لابن دقيق العيد (2/123)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (4/3)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/285)، ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (9/1690). .
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (للوسائِلِ أحكامُ المَقاصِدِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لو حَلَف على فِعلِ مَكروهٍ، فاليَمينُ مَكروهةٌ؛ لأنَّها وسيلةٌ إلى فِعلِ المَكروهِ، والتَّوسُّلُ إلى المَكروهِ مَكروهٌ [2491] يُنظر: ((شرح الإلمام بأحاديث الأحكام)) لابن دقيق العيد (2/123). .
2- إذا أُقيمَتِ الجَماعةُ في مَسجِدٍ ثُمَّ حَضَرَ قَومٌ، وكان للمَسجِدِ إمامٌ راتِبٌ، فيُكرَهُ لهم إقامةُ جَماعةٍ ثانيةٍ؛ لأنَّه يُؤَدِّي إلى تَقليلِ الجَماعةِ الأولى؛ لأنَّ النَّاسَ إذا عَلِموا أنَّ الجَماعةَ تَفوتُهم يَتَعَجَّلونَ فتَكثُرُ، بخِلافِ ما إذا عَلِموا أنَّه إذا فاتَتهمُ الجَماعةُ الأولى أدرَكوا جَماعةً ثانيةً، فيَتَأخَّرونَ، وتَقليلُ الجَماعةِ مَكروهٌ، فما يُؤَدِّي إلى المَكروهِ يَكونُ مَكروهًا [2492] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (1/406)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/153)، ((النفح الشذي)) لابن سيد الناس (4/25)، ((المنهل العذب المورود)) لمحمود خطاب السبكي (4/278). .
3- كَراهةُ التَّنَفُّلِ قَبلَ صَلاةِ المَغرِبِ عِندَ الحَنَفيَّةِ، وعَلَّلوا ذلك بأنَّ فيه تَأخيرَ المَغرِبِ، وهو مَكروهٌ، فيُكرَهُ ما يَكونُ سَبَبًا للتَّأخيرِ [2493] يُنظر: ((البناية)) للعيني (2/ 71). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
يُلحَقُ بوسائِلَ المَكروهاتِ:
ما كان مَشروعًا فِعلُه في الأصلِ، لكِنَّه قد يُؤَدِّي إلى التَّلبيسِ على العَوامِّ.
ومِثالُه:
ما نَصَّ عليه بَعضُ فُقَهاءِ الحَنَفيَّةِ مِن أنَّ سَجدةَ الشُّكرِ مُستَحَبَّةٌ، لكِنَّها تُكرَهُ بَعدَ الصَّلاةِ؛ لأنَّ العَوامَّ يَعتَقِدونَها سُنَّةً أو واجِبةً، وكُلُّ مُباحٍ يُؤَدِّي إليه فمَكروهٌ [2494] ((الدر المختار)) لابن عابدين (ص: 105)، ((الفتاوى العالمكيرية)) لنظام الدين (1/ 136). .

انظر أيضا: