الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: ما تَرَكَه الكُفَّارُ مِن أموالٍ هَرَبًا مِنَ المُسلِمينَ


ما تَرَكَه الكُفَّارُ مِن أموالٍ مِن غَيرِ قِتالٍ وهَرَبوا عنه خَوفًا مِنَ المُسلِمينَ يَكونُ فَيئًا، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [287] ((التجريد)) للقدوري (8/ 4104)، ((البناية)) للعيني (7/ 98). ، والمالِكيَّةِ [288] ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 190)، ((منح الجليل)) لعليش (3/ 182). ، والشَّافِعيَّةِ [289] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/ 326)، ((روضة الطالبين)) للنووي (6/ 354). ، والحَنابِلةِ [290] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 295)، ((الإقناع)) للحجاوي (2/ 32). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قال تعالى: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ [الحشر: 6] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّتِ الآيةُ على أنَّ الأموالَ التي رَدَّها اللهُ تعالى إلى المُؤمِنينَ مِن غَيرِ قِتالٍ هيَ فَيءٌ يُصرَفُ في مَصالِحِ المُسلِمينَ، قال عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا قَرَأ: للفُقَراءِ المُهاجِرينَ الآيةَ [الحشر: 8] قال: هذه استَوعَبَتِ المُسلِمينَ [291] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 295)، ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/ 211)، ((تيسير البيان)) لابن نور الدين (4/ 216). .
ثانيًا: من الآثار
عن مالِكِ بنِ أوسِ بنِ الحَدَثانِ، قال: (كان عُمَرُ يَحلِفُ على أيمانٍ ثَلاثٍ، يَقولُ: واللهِ ما أحَدٌ أحَقَّ بهذا المالِ مِن أحَدٍ، وما أنا بأحَقَّ به مِن أحَدٍ، واللهِ ما مِن المُسلِمينَ أحَدٌ إلَّا ولَه في هذا المالِ نَصيبٌ إلَّا عَبدًا مَملوكًا...) [292] أخرجه من طرقٍ: أبو داود (2950)، وأحمد (292) واللفظ له. حسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2950)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2950)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (1/149). .
ثالثًا: لأنَّ المُقاتِلينَ لم يَتعَبوا في تَحصيلِها، فلا تُقسَمُ بَينَهم، بَل تَكونُ فَيئًا يُصرَفُ في المَصالِحِ العامَّةِ للمُسلِمينَ؛ كَرِزقِ القُضاةِ والمُؤَذِّنينَ والأئِمَّةِ، والفُقَهاءِ والمُعَلِّمينَ، وغَيرِ ذلك مِن مَصالِحِ المُسلِمينَ [293] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (8/ 39). .
رابعًا: لأنَّ ذلك مُتَعَيِّنٌ فيها؛ إذ لم يَكُنْ لَها غانِمٌ، فكان حُكمُها حُكمَ الفَيءِ يَكونُ للمُسلِمينَ كُلِّهم [294] ((المغني)) لابن قدامة (2/ 309). .

انظر أيضا: