الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: الجِزيةُ التي تُؤخَذُ مِن كافِرٍ يُقَرُّ على دينِه


تَجِبُ على أهلِ الذِّمَّةِ جِزيةٌ [322] الجِزيةُ لُغةً: فِعلةٌ مِنَ الجَزاءِ، وجَمعُها جِزًى، كلِحيةٍ ولِحًى، سُمِّيَت جِزيةً؛ لأنَّها قَضاءٌ منه لِما عليه، أُخِذَ مِن قَولِهم: جَزى يَجزي: إذا قَضى، أو لأنَّها جَزاءٌ لكَفِّنا عنهم وتَمكينِهم مِن سُكنى دارِنا. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (11/101)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/271)، ((لسان العرب)) لابن منظور (14/147). واصطلاحًا: ما يُؤخَذُ مِن أهلِ الكُفرِ جَزاءَ سُكناهم في أرضِنا وحَقنِ دِمائِهم وذَراريِّهم وأموالِهم، وكَفِّنا عن قِتالِهم. يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (17/3)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/491)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/117). وقيل: الجِزيةُ نَوعانِ: جِزيةٌ وُضِعَت بالصُّلحِ والتَّراضي، فتُحَدَّدُ بحَسَبِ ما يَقَعُ عليه الاتِّفاقُ، وجِزيةٌ يَضَعُها الإمامُ إذا غَلَبَ عليهم. يُنظر: ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 66). يَدفَعونَها ويُقَرُّونَ على دينِهم، وهيَ مِن مَوارِدِ الفَيءِ تُصرَفُ على المَصالِحِ العامَّةِ للمُسلِمينَ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [323] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/ 229)، ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 7). ، والمالِكيَّةِ [324] ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 190). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/ 129). ، والشَّافِعيَّةِ [325] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/ 326)، ((روضة الطالبين)) للنووي (6/ 354). ، والحَنابِلةِ [326] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 295)، ((معونة أولى النهى)) لابن النجار (4/ 418). .
الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:
قال اللهُ تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمۡ [الحشر: 7]
وَجهُ الدَّلالةِ:
جَعَلَ الفَيءَ عائِدًا على الكافَّةِ، فيَنبَغي أن يُصرَفَ في هذه الوُجوهِ التي ذَكَرَها [327] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/ 229). ، والجِزيةُ مِنَ الفَيءِ، كما نَصَّ على ذلك الفُقَهاءُ.

انظر أيضا: