الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الرَّابِعُ: اشتِراطُ العَدالةِ


يُشتَرَطُ أن يَكونَ القاضي عَدلًا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [53] يرى المالِكيَّةُ أنَّ العَدالةَ شَرطٌ لصِحَّةِ تَولِيةِ القاضي، وأنَّ الفِسقَ موجِبٌ للعَزلِ، واختَلَفوا في نَفاذِ أحكامِ الفاسِقِ، والمَشهورُ في المَذهَبِ أنَّ أحكامَ الفاسِقِ غَيرُ نافِذةٍ ولَو وافَقَتِ الحَقَّ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/87)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/129). ، والشَّافِعيَّةِ [54] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/417)، ((روضة الطالبين)) للنووي (11/96). ، والحَنابِلةِ [55] ((الإقناع)) للحجاوي (4/368)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/268). ، وروايةٌ عِندَ الحَنَفيَّةِ [56] اختار هذه الرِّوايةَ مِنَ الحَنَفيَّةِ: الطَّحاويُّ، والجَصَّاصُ، والعَينيُّ. يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/85)، ((البناية)) للعيني (9/6)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/355،356). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ [الحجرات: 6] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أمَرَ اللهُ تَعالى في هذه الآيةِ بالتَّبَيُّنِ في خَبَرِ الفاسِقِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ خَبَرَه لا يُقبَلُ إلَّا بَعدَ التَّبَيُّنِ، فلا يَصِحُّ قَضاءُ الفاسِقِ؛ لأنَّ حُكمَ القاضي مُتَضَمِّنٌ الخَبَرَ [57] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/277). .
ثانيًا: قياسُ القَضاءِ على الشَّهادةِ في اشتِراطِ العَدالةِ، بجامِعِ كَونِ اشتِراطِها في القَضاءِ أَولى؛ لأنَّ قَولَ القاضي ألزَمُ، وضَرَرَه أشمَلُ مِن قَولِ الشَّاهِدِ [58] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (8/60)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (7/237-238). .
ثالثًا: أنَّ الفاسِقَ مُتَّهَمٌ في دينِه، ولا يُؤمَنُ منه الحَيفُ والظُّلمُ؛ لفِسقِه، وذلك أنَّ أضرارَ المَعاصي على القَلبِ والسُّلوكِ ظاهِرةٌ جِدًّا، فلا يَصِحُّ أن يَكونَ قاضيًا [59] يُنظر: ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: 61)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/277). .

انظر أيضا: