الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: اشتِراطُ العَقلِ


يُشتَرَطُ في القاضي أن يَكونَ عاقِلًا، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [44] نَصَّ على هذه المَسألةِ فُقَهاءُ المَذاهِبِ الأربَعةِ، ولا يُتَصَوَّرُ فيها خِلافٌ، وقد نُقِلَ الإجماعُ على اشتِراطِ ما هو أكثَرُ مِن مُجَرَّدِ العَقلِ، فيَكونُ اشتِراطُ العَقلِ مِن بابِ أَولى؛ قال الماوَرديُّ: (والشَّرطُ الثَّاني: وهو مُجمَعٌ على اعتِبارِه، ولا يُكتَفى فيه بالعَقلِ الذي يَتَعَلَّقُ به التَّكليفُ مِن عِلمِه بالمُدرَكاتِ الضَّروريَّةِ، حَتَّى يَكونَ صَحيحَ التَّمييزِ، جَيِّدَ الفِطنةِ، بَعيدًا عَنِ السَّهوِ والغَفلةِ، يَتَوصَّلُ بذَكائِه إلى إيضاحِ ما أشكَلَ، وفَصلِ ما أعضَلَ). ((الأحكام السلطانية)) (ص: 111). : الحَنَفيَّةِ [45] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (6/280،281)، ((حاشية ابن عابدين)) (5/354). ، والمالِكيَّةِ [46] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/87)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/129). ، والشَّافِعيَّةِ [47] ((روضة الطالبين)) للنووي (11/96)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (6/262). ، والحَنابِلةِ [48] ((الإقناع)) للحجاوي (4/368)، ((منتهى الإرادات)) لابن النجار (5/268). ، ونُقِلَ الإجماعُ على اشتِراطِ ما هو أكثَرُ مِن مُجَرَّدِ العَقلِ، فيَكونُ اشتِراطُ العَقلِ مِن بابِ أَولى [49] قال الماوَرديُّ: (والشَّرطُ الثَّاني: وهو مُجمَعٌ على اعتِبارِه، ولا يُكتَفى فيه بالعَقلِ الذي يَتَعَلَّقُ به التَّكليفُ مِن عِلمِه بالمُدرَكاتِ الضَّروريَّةِ، حَتَّى يَكونَ صَحيحَ التَّمييزِ، جَيِّدَ الفِطنةِ، بَعيدًا عَنِ السَّهوِ والغَفلةِ، يَتَوصَّلُ بذَكائِه إلى إيضاحِ ما أشكَلَ، وفَصلِ ما أعضَلَ). ((الأحكام السلطانية)) (ص: 111). وقال ابنُ حَزمٍ: (واتَّفَقوا أنَّ مَن لم يَكُنْ مَحجورًا، وكانَ بالِغًا حَسَنَ الدِّينِ سالِمَ الاعتِقادِ حُرًّا ... لم يَبلُغِ الثَّمانينَ: جائِزٌ أن يولَّى القَضاءَ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 49). وقال ابنُ حَجَرٍ: (قال أبو عَليٍّ الكَرابيسيُّ صاحِبُ الشَّافِعيِّ في كِتابِ "آداب القَضاءِ" له: لا أعلَمُ بَينَ العُلَماءِ مِمَّن سَلَفَ خِلافًا أنَّ أحَقَّ النَّاسِ أن يَقضيَ بَينَ المُسلِمينَ مَن بانَ فضلُه وصِدقُه وعِلمُه وورَعُه، قارِئًا لكِتابِ اللهِ عالِمًا بأكثَرِ أحكامِه، عالِمًا بسُنَنِ رَسولِ اللهِ حافِظًا لأكثَرِها، وكَذا أقوالُ الصَّحابةِ، عالِمًا بالوِفاقِ والخِلافِ وأقوالِ فُقَهاءِ التَّابِعينَ، يَعرِفُ الصَّحيحَ مِنَ السَّقيمِ، يَتبَعُ في النَّوازِلِ الكِتابَ، فإن لم يَجِدْ فالسُّنَنَ، فإن لم يَجِدْ عَمِلَ بما اتَّفَقَ عليه الصَّحابةُ، فإن اختَلَفوا فما وجَدَه أشبَهَ بالقُرآنِ ثُمَّ بالسُّنَّةِ ثُمَّ بفَتوى أكابِرِ الصَّحابةِ عَمِلَ به، ويَكونُ كَثيرَ المُذاكَرةِ مَعَ أهلِ العِلمِ، والمُشاورةِ لَهم، مَعَ فضلٍ وورَعٍ، ويَكونُ حافِظًا للِسانِه وبَطنِه وفَرجِه، فَهِمًا بكَلامِ الخُصومِ، ثُمَّ لا بُدَّ أن يَكونَ عاقِلًا مائِلًا عَنِ الهَوى). ((فتح الباري)) (13/146). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ المَجنونَ لا وِلايةَ له، ولا يَنفُذُ قَولُه في نَفسِه، فلَأَن لا يَنفُذَ قَولُه في غَيرِه مِن بابِ أَولى [50] يُنظر: ((الممتع في شرح المقنع)) لابن المنجى (4/517). .
ثانيًا: أنَّ بَينَ حالِ المَجنونِ وحالِ القاضي مُنافاةً؛ فالمَجنونُ يَستَحِقُّ الحَجرَ عليه، والقاضي يَستَحِقُّ الحَجرَ على غَيرِه [51] يُنظر: ((الممتع في شرح المقنع)) لابن المنجى (4/517). .
ثالثًا: أنَّ الاجتِهادَ فيما يَحدُثُ مِنَ القَضايا مَعدومٌ في حَقِّ المَجنونِ، فلا يَستَطيعُ الاهتِداءَ إلى الحُكمِ الصَّحيحِ [52] يُنظر: ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: 60). .

انظر أيضا: