الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ تَوَلِّي القَضاءِ


تَوَلِّي القَضاءِ فرضُ كِفايةٍ، إذا قامَ به مَن يَكفي سَقَطَ إثمُ تَركِه عَنِ الباقينَ [16] إذا لم يوجَدْ إلَّا قدرُ الكِفايةِ مِمَّن يَصلُحُ للقَضاءِ فإنَّه يَكونُ في حَقِّهم فرضَ عَينٍ. يُنظر: ((تبصرة الحكام)) لابن فرحون (1/12). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
1- قَولُه تعالى: يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَٰكَ خَلِيفَةً فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُمْ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ [ص: 26] .
2- قَولُه تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِ [النساء: 58] .
3- يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ [النساء: 135] .
وَجهُ الدَّلالةِ من الآياتِ:
أنَّ اللهَ تَعالى أمَرَ عِبادَه إذا حَكَموا أن يَحكُموا بالعَدلِ، وأمَرَ نَبيَّه داوُدَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أن يَحكُمَ بَينَ النَّاسِ؛ فدَلَّ ذلك على فَرضيَّةِ القَضاءِ [17] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/236). .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك [18] نُقِلَ في هذه المَسألةِ خِلافٌ عَنِ الإمامِ أحمَدَ، وحُكيَ عَن بَعضِ الشَّافِعيَّةِ، لَكِن عَدَّه الفُقَهاءُ خِلافًا ضَعيفًا وحَمَلوه على مَسائِلَ أُخرى. يُنظر: ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (12/410، 411)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (7/ 235)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (8/140)، ((الإنصاف)) للمرداوي (11/154). : النَّوَويُّ [19] قال النَّوويُّ: (القَضاءُ والإمامةُ فرضُ كِفايةٍ بالإجماعِ، فإن قامَ به مَن يَصلُحُ سَقَطَ الفَرضُ عَنِ الباقينَ، وإن امتَنَعَ الجَميعُ أثِموا). ((روضة الطالبين)) (11/92). ، والعَينيُّ [20] قال العَينيُّ: (وهو فرضُ كِفايةٍ بالإجماعِ، وإن لم يَصلُحْ للقَضاءِ إلَّا واحِدٌ تَعَيَّنَ عليه ووجَبَ عليه بالإجماعِ). ((البناية)) (9/4). ، والكَمالُ ابنُ الهُمامِ [21] قال ابنُ الهُمامِ: (وأمَّا وصفُ القَضاءِ ففَرضُ كِفايةٍ، فلَو امتَنَعَ الكُلُّ أثِموا، هذا إذا كانَ السُّلطانُ لا يَفصِلُ بنَفسِه، فإن فعَلَ لم يَأثَموا كما في البَزَّازيَّةِ...، وعليه إجماعُ المُسلِمينَ). ((فتح القدير)) (7/252). ، وزكَريَّا الأنصاريُّ [22] قال زَكَريَّا الأنصاريُّ: (...والقَضاءُ) أي: تَولِّيه (فرضُ كِفايةٍ) في حَقِّ الصَّالِحينَ له (كالإمامةِ) بالإجماعِ). ((أسنى المطالب)) (4/277). .
ثالثًا: قياسُ القَضاءِ على الجِهادِ والإمامةِ في كَونِها فرضًا على الكِفايةِ، بجامِعِ عَدَمِ استِقامةِ أمرِ النَّاسِ بدونِها [23] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (10/32). .
رابعًا: أنَّ المَقصودَ مِنَ القَضاءِ ذاتُ الفِعلِ وليس الفاعِلَ [24] أي: أنَّ المَقصودَ إيجادُ قاضٍ يَحكُمُ بَينَ النَّاسِ، وليس المَقصودُ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ النَّاسِ يَكونُ قاضيًا. ؛ فدَلَّ ذلك على أنَّ الفَرضيَّةَ في تَولِّي القَضاءِ على الكِفايةِ [25] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/236). .
خامِسًا: أنَّ تَوَلِّيَ القَضاءِ جاءَ لإقامةِ أمرٍ مَفروضٍ [26] وهو القَضاءُ بَينَ النَّاسِ. ، فيكونُ فَرضًا [27] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/2). .

انظر أيضا: