الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الرُّجوعُ عنِ الإقرارِ


إذا رَجَعَ السَّارِقُ عن إقرارِه قَبلَ القَطعِ سَقَطَ عنه حَدُّ السَّرِقةِ، ويَضمَنُ المالَ فقَط، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1484] ((المبسوط)) للسرخسي (9/155) (9/ 162)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 408). ، والمالِكيَّةِ [1485] ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 346)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 330). ، والشَّافِعيَّةِ [1486] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 300)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 151)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 463). ، والحَنابِلةِ [1487] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 284)، ((الإقناع)) للحجاوي (4/ 284). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ [1488] قال الطَّحاويُّ: (قد رَأيناهم جَميعًا لمَّا رَووا عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المُقِرِّ بالزِّنا لمَّا هَرَبَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لَولا خَلَّيتُم سَبيلَهـ)، فكان ذلك عِندَهم على أنَّ رُجوعَه مَقبولٌ، واستَعمَلوا ذلك في سائِرِ حُدودِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فجَعَلوا مَن أقَرَّ بها ثُمَّ رَجَعَ قُبِلَ رُجوعُه، ولم يَخُصُّوا الزِّنا بذلك دونَ سائِرِ حُدودِ اللهِ). ((شرح معاني الآثار)) (3/ 169). وقال ابنُ الهُمامِ: (إذا أقَرَّ بالسَّرِقةِ ثُمَّ رَجَعَ فقال: لم أسرِقْ بَل هو مِلكي، فإنَّه لا يُقطَعُ بالإجماعِ). ((فتح القدير)) (5/ 408). وقال الشلبي: (إذا أقَرَّ بالسَّرِقةِ ثُمَّ رَجَعَ فقال: لم أسرِقْ بَل هو مِلكي، فإنَّه لا يُقطَعُ بالإجماعِ... فإنَّ المُقِرَّ إذا رَجَعَ صَحَّ، أي: إجماعًا). ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (3/ 230). وقال داماد أفندي في بابِ السَّرِقةِ: (صِحَّةُ الرُّجوعِ بَعدَ الإقرارِ: إجماعًا). ((مجمع الأنهر)) (1/ 626). وخالَف في ذلك ابنُ حَزمٍ وقال: لا يَنتَفِعُ برُجوعِه عنِ الإقرارِ، ولا يَسقُطُ عنه الحَدُّ. يُنظر: ((المحلى)) (7/ 100). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الرُّجوعَ عنِ الإقرارِ يورِثُ شُبهةً، فيُدرَأُ عنه الحَدُّ [1489] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 161)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 119).  .
ثانيًا: أنَّ القَطعَ حَقٌّ للهِ تعالى، فليس هناكَ مَن يَرُدُّ جُحودَه، وأمَّا المالُ فهو حَقٌّ للآدَميِّ، وهو يُكَذِّبُه في الرُّجوعِ، فلا يُقبَلُ رُجوعُه فيه [1490] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/323). .

انظر أيضا: