الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: اشتِراكُ السَّارِقِ مَعَ مَن لا يُقامُ عليه الحَدُّ


اختَلَف الفُقَهاءُ في اشتِراكِ السَّارِقِ مَعَ مَن لا يُقامُ عليه الحَدُّ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: إذا اشتَرَكَ جَماعةٌ في سَرِقةٍ، وكان بَينَهم مَن لا يَتَعَلَّقُ القَطعُ بسَرِقَتِه، كصَبيٍّ أو مَجنونٍ، لا يَسقُطُ حَدُّ السَّرِقةِ عن سائِرِ الشُّرَكاءِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1491] يَشتَرِطُ المالِكيَّةُ ألَّا يَكونَ للشَّريكِ الذي لا يَتَعَلَّقُ القَطعُ بسَرِقَتِه شُبهةٌ، كَأن يَكونَ أبَا المَسروقِ مِنه، فلا يُقطَعُ مَن شارَكَه، ويُدرَأُ الحَدُّ عنه. ((الشرح الكبير)) للدردير (4/335)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 302). ، والشَّافِعيَّةِ [1492] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 128)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 160). ، والحَنابِلةِ [1493] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/267)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 133). ، وأبي يوسُفَ مِنَ الحَنَفيَّةِ [1494] ((المبسوط)) للسرخسي (9/161)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (7/ 12). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الصَّبيَّ والمَجنونَ حينَئِذٍ كالآلةِ له [1495] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 160).  .
ثانيًا: أنَّه لا يَسوغُ أن يُدرَأَ القَطعُ لهذا، فيَتَذَرَّعُ السُّرَّاقُ به إلى إسقاطِ القَطعِ؛ لأنَّ كُلَّ سارِقٍ لا يَعجِزُ عن أن يَستَصحِبَ صَبيًّا أو مَعتوهًا مَعَ نَفسِه [1496] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/161).  .
القَولُ الثَّاني: إذا اشتَرَكَ جَماعةٌ في سَرِقةٍ، وكان بَينَهم مَن لا يَتَعَلَّقُ القَطعُ بسَرِقَتِه، كَصَبيٍّ أو مَجنونٍ، فإنَّ الحَدَّ يَسقُطُ عنِ الشُّرَكاءِ كُلِّهم، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1497] ((المبسوط)) للسرخسي (9/161)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (7/ 12). ، ووجهٌ للحَنابِلةِ [1498] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/267). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ السَّرِقةَ واحِدةٌ، وقد حَصَلَت مِمَّن يَجِبُ عليه القَطعُ، ومِمَّن لا يَجِبُ عليه القَطعُ، فلا يَجِبُ القَطعُ على أحَدٍ، كالعامِدِ مَعَ الخاطِئِ إذا اشتَرَكا في القَطعِ أو في القَتلِ [1499] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 67). ((الإنصاف)) للمرداوي (10/267).  .
ثانيًا: أنَّ الإخراجَ مِنَ الحِرزِ هو الأصلُ في السَّرِقةِ، والإعانةُ كالتَّابِعِ، فإذا وَلِيَه الصَّبيُّ أوِ المَجنونُ فقد أتى بالأصلِ، فإذا لم يَجِبِ القَطعُ بالأصلِ فلا يَجِبُ بالتَّابِعِ [1500] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 67).  .

انظر أيضا: