الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: مُلاعَنةُ الزَّوجِ زَوجَتَه التي قَذَفَها


يَسقُطُ حَدُّ القَذفِ عنِ الزَّوجِ إذا لاعَنَ زَوجَتَه التي قَذَفَها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [978] قال ابنُ قُدامةَ: (إن كان القاذِفُ زَوجًا اعتُبِرَ شَرطٌ ثالِثٌ، وهو امتِناعُه مِنَ اللِّعانِ. ولا نَعلَمُ خِلافًا في هذا كُلِّهـ). ((المغني)) (9/85). وقال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (إن كان القاذِفُ زَوجًا اعتُبِرَ شَرطٌ ثالِثٌ، وهو امتِناعُه مِنَ اللِّعانِ. ولا نَعلَمُ في هذا كُلِّه خِلافًا). ((الشرح الكبير)) (10/213). : الحَنَفيَّةِ [979] ((المبسوط)) للسرخسي (7/ 39)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/ 482). ، والمالِكيَّةِ [980] ((التاج والإكليل)) للمواق (5/ 467)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 138). ، والشَّافِعيَّةِ [981] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/ 221)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 121). ، والحَنابِلةِ [982] ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/ 390)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/ 542). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قال اللهُ تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور: 6-7] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أخرَجَ اللهُ الزَّوجَ مِن عُمومِ آيةِ حَدِّ القَذفِ، وأقامَ أيمانَه مَقامَ الشُّهودِ الأربَعةِ، يَدرَأُ بها عن نَفسِه الحَدَّ كَما يَدرَأُ سائِرُ النَّاسِ عن أنفُسِهم بالشُّهودِ الأربَعةِ حَدَّ القَذفِ [983] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (7/ 462).  .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ هلالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَف امرَأتَه عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشَريكِ بنِ سَحماءَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: البَيِّنةُ أو حَدٌّ في ظَهرِكَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إذا رَأى أحَدُنا على امرَأتِه رَجُلًا يَنطَلِقُ يَلتَمِسُ البَيِّنةَ! فجَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: البَيِّنةُ، وإلَّا حَدٌّ في ظَهرِكَ، فقال هلالٌ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنِّي لَصادِقٌ، فلَيُنزِلَنَّ اللهُ ما يُبَرِّئُ ظَهري مِنَ الحَدِّ، فنَزَلَ جِبريلُ وأنزَلَ عليه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ، فقَرَأ حتَّى بَلَغَ: إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقينَ [النور: 6 - 9] . فانصَرَف النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأرسَلَ إليها، فجاءَ هلالٌ فشَهدَ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: إنَّ اللَّهَ يَعلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فهَل مِنكُما تائِبٌ؟ ثُمَّ قامَت فشَهِدَت [984] أخرجه البخاري (4747). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَليلٌ على أنَّ الزَّوجَ إذا قَذَف امرَأتَه ثُمَّ تَلاعَنا، فإنَّ اللِّعانَ يُسقِطُ عنه الحَدَّ [985] يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/ 267).  .

انظر أيضا: