الموسوعة الفقهية

الفَرعُ السَّادِسُ: اشتِراطُ طَلَبِ المَقذوفِ إقامةَ الحَدِّ


يُشتَرَطُ لإقامةِ حَدِّ القَذفِ طَلَبُ المَقذوفِ به، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [936] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 317)، ((البناية)) للعيني (6/363). ، والمالِكيَّةِ [937] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/ 305). ويُنظر: ((المدونة)) لسحنون (4/514)، ((أحكام القرآن)) لابن العربي (3/357) (4/ 37). ، والشَّافِعيَّةِ [938] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 120)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 437). ، والحَنابِلةِ [939] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/201)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/353). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [940] قال ابنُ العَرَبيِّ: (وحَدُّ القَذفِ لا يُقيمُه الإمامُ إلَّا بَعدَ المُطالَبةِ إجماعًا). ((أحكام القرآن)) (3/ 357). وقال أيضًا: (ولا يَجوزُ إقامةُ حَدِّ القَذفِ بإجماعٍ مِنَ الأُمَّةِ إلَّا بَعدَ المُطالَبةِ بإقامَتِهـ). ((أحكام القرآن)) (4/ 44). وقال ابنُ قُدامةَ: (يُعتَبَرُ لإقامةِ الحَدِّ بَعد تَمامِ القَذفِ بشُروطِه شَرطانِ: أحَدُهما: مُطالَبةُ المَقذوفِ... ولا نَعلَمُ خِلافًا في هذا). ((المغني)) (9/ 85). وقال القُرطُبيُّ: (ولا تَجوزُ إقامةُ حَدِّ القَذفِ بإجماعٍ مِنَ الأُمَّةِ إلَّا بَعدَ المُطالَبةِ بإقامَتِهـ). ((تفسير القرطبي)) (15/ 164).  وقال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (يُشتَرَطُ لإقامةِ الحَدِّ على القاذِفِ شَرطانِ: أحَدُهما: مُطالَبةُ المَقذوفِ... ولا نَعلَمُ في هذا كُلِّه خِلافًا). ((الشرح الكبير)) (10/ 213). وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ: (وهذا الحَدُّ يَستَحِقُّه المَقذوفُ، فلا يُستَوفى إلَّا بطَلَبِه باتِّفاقِ الفُقَهاءِ، فإن عَفا عنه سَقَطَ عِندَ جُمهورِ العُلَماءِ؛ لأنَّ المُغَلَّبَ فيه حَقُّ الآدَميِّ، كالقِصاصِ والأموالِ). ((مجموع الفتاوى)) (28/ 382). وقال ابنُ الهُمامِ: (أمَّا اشتِراطُ مُطالَبةِ المَقذوفِ فبِإجماعٍ). ((فتح القدير)) (5/ 318). لَكِن خالَف في ذلك ابنُ أبي لَيلى وابنُ حَزمٍ ولم يَشتَرِطا ذلك. يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (3/352)، ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/ 256). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ في القَذفِ حَقًّا للآدَميِّ بدَفعِ العارِ عن نَفسِه، فلا يُستَوفى قَبلَ طَلَبِه، كَسائِرِ حُقوقِه [941] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 85). .
ثانيًا: أنَّ القاذِفَ قد يَكونُ صادِقًا في قَولِه، فإعراضُ المَقذوفِ عن طَلَبِ حَدِّ القَذفِ قد يَكونُ لصِدقِ القاذِفِ [942] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/ 355).  .

انظر أيضا: