الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: اشتِراطُ أن يَكونَ القاذِفُ بالِغًا


يُشتَرَطُ لإقامةِ حَدِّ القَذفِ أن يَكونَ القاذِفُ بالِغًا.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يَشِبَّ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ)) [943] أخرجه الترمذي (1423) واللفظ له، وأخرجه أحمد (956)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7306)، على الشَّكِّ: (المَعتوهِ أوِ المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ). حَسَّنَه البخاريُّ كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (2/197)، وصَحَّح الحديث الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في ((تخريج المسند)) (1183). .              
وَجهُ الدَّلالةِ:
 دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ القَلَمَ مَرفوعٌ عنِ الصَّبيِّ، فإذا رُفِعَ عنه قَلَمُ التَّكليفِ فلا حُكمَ لكَلامِه [944] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 66). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [945] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعوا أنَّ الصَّبيَّ إذا قَذَف امرَأتَه أنَّه لا يُضرَبُ ولا يُلاعَنُ). ((الإجماع)) (ص: 102). ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ [946] قال ابنُ رُشدٍ: (فأمَّا القاذِفُ فإنَّهمُ اتَّفقوا على أنَّ مِن شَرطِه وصفَينِ، وهما البُلوغُ والعَقلُ، وسَواءٌ أكان ذَكَرًا أو أُنثى، حُرًّا أو عَبدًا، مُسلِمًا أو غَيرَ مُسلِمٍ). ((بداية المجتهد)) (2/ 362). .
ثالِثًا: أنَّ الصَّبيَّ لا يُحَدُّ بالزِّنا، فكان أَولى ألَّا يُحَدَّ للقَذفِ بالزِّنا [947] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (13/ 256).  .
رابِعًا: أنَّ الصَّبيَّ إذا سَقَطَ عنه التَّكليفُ في العِباداتِ والإثمُ في المَعاصي، فالحَدُّ المَبنيُّ على الدَّرءِ بالشُّبُهاتِ أَولى بالإسقاطِ [948] يُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (10/ 119).  .
خامِسًا: أنَّ الحَدَّ عُقوبةٌ مَحضةٌ، فتَستَدعي جِنايةً مَحضةً، وفِعلُ الصَّبيِّ لا يوصَفُ بالجِنايةِ، فلا حَدَّ عليه؛ لعَدَمِ الجِنايةِ مِنه [949] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/ 34).  .

انظر أيضا: