الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: أن يَكونَ المَقذوفُ عاقِلًا


يُشتَرَطُ لإقامةِ الحَدِّ على القاذِفِ أن يَكونَ المَقذوفُ عاقِلًا، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [905] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (4/ 292)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/ 576). ، والمالِكيَّةِ [906] ذَهَبَ المالِكيَّةُ إلى اشتِراطِ استِمرارِ الجُنونِ به مِن وقتِ بُلوغِه إلى وقتِ قَذفِه، فمَن بَلَغَ صَحيحًا ثُمَّ جُنَّ أو تَخَلَّلَ جُنونَه إفاقةٌ، يُحَدُّ قاذِفُه. ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/ 298)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 269). ، والشَّافِعيَّةِ [907] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (9/347 - 348)، ((روضة الطالبين)) للنووي (8/ 321). ، والحَنابِلةِ [908] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 203)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 105). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [909] قال ابنُ قُدامةَ: (وشَرائِطُ الإحصانِ الذي يَجِبُ الحَدُّ بقَذفِ صاحِبِه، خَمسةٌ: العَقلُ، والحُرِّيَّةُ، والإسلامُ، والعِفَّةُ عنِ الزِّنا، وأن يَكونَ كَبيرًا يُجامِعُ مِثلُه، وبِه يَقولُ جَماعةُ العُلَماءِ قديمًا وحَديثًا، سِوى ما رُويَ عن داودَ أنَّه أوجَبَ الحَدَّ على قاذِفِ العَبدِ). ((المغني)) (9/ 83).  وقال بَهاءُ الدِّينِ المَقدسيُّ: (والمُحصَنُ مَن وُجِدَت فيه خَمسُ شَرائِطَ: أن يَكونَ حُرًّا، مُسلِمًا، عاقِلًا، بالِغًا، عَفيفًا، وهذا إجماعٌ، وبِه يَقولُ جُملةُ العُلَماءِ قديمًا وحَديثًا). ((العدة شرح العمدة)) (ص: 599).  وقال ابنُ الهُمامِ: (وأمَّا العَقلُ والبُلوغُ ففيه إجماعٌ إلَّا ما رُوِيَ عن أحمَدَ أنَّ الصَّبيَّ الذي يُجامِعُ مِثلُه مُحصَنٌ، فيُحَدُّ قاذِفُهـ). ((فتح القدير)) (5/ 319).  وقال العَينيُّ: (أن يَكونَ المَقذوفُ حُرًّا، عاقِلًا، بالِغًا، مُسلِمًا، عَفيفًا عن فِعلِ الزِّنا، هذا باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((البناية شرح الهداية)) (6/ 364). وخالَف في ذلك ابنُ حَزمٍ، فذَهَبَ إلى أنَّ مَن قَذَف الصَّغيرَ أوِ المَجنونَ يُقامُ عليه الحَدُّ. يُنظر: ((المحلى بالآثار)) (12/ 233). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ العَقلَ شَرطٌ للتَّكليفِ، وزِنا المَجنونِ لا يوجِبُ حَدًّا، فلا يَجِبُ الحَدُّ بالقَذفِ به [910] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (13/ 255)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 84). .
ثانيًا: أنَّ المَجنونَ لا يُعَيَّرُ بالزِّنا لعَدَمِ تَكليفِه، فلا يَلحَقُه شَينٌ بإضافةِ الزِّنا إليه [911] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 105). .

انظر أيضا: