الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: آلةُ الجَلدِ


الجَلدُ في حَدِّ الزِّنا لا يَكونُ إلَّا بالسَّوطِ [570] اشتَرَطوا في السَّوطِ أن يَكونَ مُعتَدِلًا، فلا يَكونُ رَطبًا ولا شَديدَ اليُبوسةِ. يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 169)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 354)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 172)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 80). ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [571] قال ابنُ تَيميَّةَ: (أمَّا الحُدودُ فلا بُدَّ فيها مِنَ الجَلدِ بالسَّوطِ، وكان عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه يُؤَدِّبُ بالدِّرَّةِ، فإذا جاءَتِ الحُدودُ دَعا بالسَّوطِ). ((مجموع الفتاوى)) (28/348). : الحَنَفيَّةِ [572] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 169)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/10). ، والمالِكيَّةِ [573] ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/ 502)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/354)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 354). ، والشَّافِعيَّةِ [574] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 172)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/519). ، والحَنابِلةِ [575] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 80). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [576] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعوا على أنَّ الجَلدَ بالسَّوطِ يَجِبُ، والسَّوطُ الذي يَجِبُ الجَلدُ به سَوطٌ بَينَ سَوطَينِ). ((الإجماع)) (ص: 129). وقال الجَصَّاصُ: (اتِّفاقُهم على أنَّ ضَربَ الحُدودِ بالسَّوطِ). ((أحكام القرآن)) (5/ 103).  وقال ابنُ قُدامةَ: (الضَّربُ بالسَّوطِ، ولا نَعلَمُ بَينَ أهلِ العِلمِ خِلافًا في هذا في غَيرِ حَدِّ الخَمرِ... والخُلَفاءُ الرَّاشِدونَ ضَرَبوا بالسِّياطِ، وكذلك غَيرُهم؛ فكان إجماعًا). ((المغني)) (9/ 168). وقال القُرطُبيُّ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الجَلدَ بالسَّوطِ يَجِبُ). ((تفسير القرطبي)) (12/ 161). وخالَف في ذلك ابنُ حَزمٍ، فقال: (الواجِبُ أن يُضرَبَ الحَدّ في الزِّنا والقَذفِ بما يَكونُ الضَّربُ به على هذه الصِّفةِ، بسَوطٍ، أو بحَبلٍ مِن شَعَرٍ، أو مِن كَتَّانٍ، أو مِن قنبٍ، أو صوفٍ، أو حَلفاءَ، وغَيرِ ذلك، أو تفرٍ، أو قَضيبٍ مِن خَيزُران أو غَيرِه، إلَّا الخَمرَ؛ فإنَّ الجَلدَ فيها على ما جاءَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((المحلى بالآثار)) (12/ 85). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
قَوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللَّهَ تعالى أمَر بجَلدِ الزَّاني، والجَلدُ إنَّما يُفهَمُ مِن إطلاقِه الضَّربُ بالسَّوطِ، فيُقتَصَرُ عليه [577] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/168). .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن أبى عُثمانَ النَّهديِّ، قال: (أُتِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه برَجُلٍ في حَدٍّ، فأُتِيَ بسَوطٍ فيه شِدَّةٌ، فقال: أُريدُ أليَنَ مِن هذا، ثُمَّ أُتيَ بسَوطٍ فيه لِينٌ، فقال: أُريدُ أشَدَّ مِن هذا، فأُتيَ بسَوطٍ بَينَ السَّوطَينِ، فقال: اضرِبْ، ولا يُرى إبْطُك، وأعطِ كُلَّ عُضوٍ حَقَّهـ) [578] أخرجه عبد الرزاق (13516)، وابن أبي شيبة (29266)، والبيهقي (17638) واللفظ له. صَحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (11/171)، وذكَرَ ثبوتَه ابنُ المنذر في ((الأوسط)) (12/476). .

انظر أيضا: