الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الأوَّلُ: كَيفيَّةُ الجَلدِ


يُفَرَّقُ الجَلدُ في الحُدودِ على الظَّهرِ والأكتافِ ونَحوِ ذلك، ويُجتَنَبُ في الجَلدِ الوَجهُ والفَرجُ والمَقاتِلُ [559] وذلك مِثلُ: الخُصْيةِ، والذَّكَرِ، والخَواصِرِ، والبَطنِ. واختَلَفوا في الرَّأسِ، فأجازَ ضَربَه بَعضُ الحَنَفيَّةِ، وبَعضُ الشَّافِعيَّةِ؛ لوُرودِه عن أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ومَنَعَه الجُمهورُ: الحَنَفيَّةُ، والمالِكيَّةُ، والشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ؛ لكَونِه مِنَ المَقاتِلِ. يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 169 )، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/ 502 )، ((حاشية البجيرمي على الخطيب)) (4/ 193)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 80). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قاتَلَ أحَدُكُم أخاه فليَجتَنِبِ الوجهَ )) -وفي رِوايةٍ بهذا الإسنادِ- وقال: ((إذا ضَرَبَ أحَدُكُم)) [560] أخرجه مسلم (2612). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ دَليلٌ على أنَّه لا يَحِلُّ ضَربُ الوَجهِ في حَدٍّ ولا غَيرِه [561] يُنظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (4/446).  .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ [562] قال أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ: (اتَّفقَ الجَميعُ على تَركِ ضَربِ الوَجهِ والفَرجِ). ((أحكام القرآن)) (3/ 385). ، وابنُ العَرَبيِّ [563] قال ابنُ العَرَبيِّ: (ويُفَرَّقُ عليه الضَّربُ في ظَهرِه، وتُجتَنَبُ مَقاتِلُه، ولا خِلافَ فيهـ). ((أحكام القرآن)) (3/ 335). ، والقُرطُبيُّ [564] قال القُرطُبيُّ: (اتَّفقوا على أنَّه لا يُضرَبُ في الوَجهِ... فيَجِبُ أن تُتَّقى المَقاتِلُ كُلُّها، كالدِّماغِ، والقَلبِ، وما أشبَهَ ذلك، وهذا لا يُختَلَفُ فيه إن شاءَ اللهُ تعالى). ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (7/ 253). ، وابنُ عَطيَّةَ [565] قال ابنُ عَطيَّةَ: (ويُجتَنَبُ مِنَ المَضروبِ الوَجهُ والفَرجُ والقَلبُ والدِّماغُ والخَواصِرُ بإجماعٍ). ((المحرر الوجيز)) (1/ 279)، ((تفسير القرطبي)) (12/ 162). ، والشِّربينيُّ [566] قال الشِّربينيُّ: (اتَّفَقوا على أنَّه يَتَّقي المَهالِكَ، كالوَجهِ والبَطنِ والفَرجِ). ((تفسير السراج المنير)) (2/ 662). .
ثالِثًا: يُفَرَّقُ الضَّربُ؛ لأنَّ الجَمعَ في عُضوٍ واحِدٍ قد يُفضي إلى التَّلَفِ، والجَلدُ زاجِرٌ وليس بمُتلِفٍ، ولأنَّه نالَ اللَّذَّةَ في كُلِّ عُضوٍ مِنه، فيُعطى حَظَّه مِنَ الضَّربِ [567] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 169 - 170).  .
رابِعًا: أنَّ الضَّربَ على الفَرجِ مُتلِفٌ، وعلى الرَّأسِ سَبَبٌ لزَوالِ الحَواسِّ كالسَّمعِ والبَصَرِ والشَّمِّ والفهمِ، وكَذا على الوَجهِ، وهو مَجمَعُ المَحاسِنِ أيضًا، فلا يُؤمَنُ ذَهابُها، فيَكونُ إهلاكًا مِن وَجهٍ؛ فلا يُشرَعُ [568] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 169 - 170)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 80). .
خامِسًا: أنَّ الغَرَضَ تَأديبُه وزَجرُه عنِ المَعصيةِ لا قَتلُه، والمُبالَغةُ تُؤَدِّي إلى ذلك [569] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 80).  .

انظر أيضا: