الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: إثباتُ وُقوعِ الزِّنا بآلاتِ التَّصويرِ والتَّسجيلِ


لا يَثبُتُ الزِّنا ولا يُستَدَلُّ على وُقوعِه بآلاتِ التَّصويرِ والتَّسجيلِ، وبِه أفتَت دارُ الإفتاءِ المِصريَّةُ [554] جاءَ في فتوى دارِ الإفتاءِ المِصريَّةِ: (الأُمورُ المُستَحدَثةُ والوسائِلُ العِلميَّةُ المُتَقدِّمةُ التي ظَهَرَت ويُمكِنُ الاستِعانةُ بها كَأدِلَّةِ إثباتٍ في هذا البابِ... وكالتَّصويرِ المَرئيِّ، والتَّسجيلِ الصَّوتيِّ: لا تَعدو أن تَكونَ مُجَرَّدَ قَرائِنَ لا تَرقى لأن تَستَقِلَّ بالإثباتِ في هذا البابِ الذي ضَيَّقَه الشَّرعُ). ((موقع دار الإفتاء المصرية)). ، ونَصَّ عليه ابنُ عُثَيمين [555] قال ابنُ عُثَيمين: (كُنَّا نَقولُ في الماضي بجَوازِ العَمَلِ بالصُّورةِ المُلتَقَطةِ للزَّانيَينِ، لَكِن تَبيَّن لَنا أنَّه حتَّى الصُّورةُ لا يُمكِنُ العَمَلُ بها؛ لأنَّه يُمكِنُ أن تُدَبلَجَ، وهذا سَهلٌ، فالآنَ لمَّا تَقدَّمَ العِلمُ في هذه الأُمورِ صارَ كُلُّ شَيءٍ مُمكِنًا، فكُنَّا نَقولُ في الأوَّلِ: إذا وُجِدَتِ الصُّورةُ بأنَّ هذا الرَّجُلَ يَزني بامرَأةٍ فهذه بَيِّنةٌ مِن أقوى البَيِّناتِ، لَكِن تَبَيَّن الآنَ أنَّ المَسألةَ فيها شَكٌّ). ((لقاء الباب المفتوح)) اللقاء رقم (37). وقال: (لَكِن لا أدري هَل يُمكِنُ بالوسائِلِ الحَديثةِ أم لا كالتَّصويرِ؟ الظَّاهرُ أنَّه لا يُمكِنُ أيضًا؛ لأنَّ الذي تُدرِكُه الصُّورةُ تُدرِكُه العَينُ، فإذا لم تُدرِكْه العَينُ لم تُدرِكْه الصُّورةُ؛ ولِهذا يَقولُ شَيخُ الإسلامِ: إنَّه لم يَثبُتِ الزِّنا عن طَريقِ الشَّهادةِ مِن عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى عَهدِه، وإذا لم يَثبُتْ مِن هذا الوقتِ إلى ذاكَ الوقتِ، فكذلك لا نَعلَمُ أنَّه ثَبَتَ بطَريقِ الشَّهادةِ إلى يَومِنا هذا؛ لأنَّه صَعبٌ جِدًّا. فلَو شَهدَ الأربَعةُ بأنَّهم رَأوه كَما يَكونُ الرَّجُلُ على امرَأتِه فإنَّه لا يُحَدُّ للزِّنا). ((الشرح الممتع)) (14/ 271). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذه الوسائِلَ لا تَعدو أن تَكونَ مُجَرَّدَ قَرائِنَ لا تَرقى لأن تَستَقِلَّ بالإثباتِ [556] يُنظر: ((موقع دار الإفتاء المصرية)). .
ثانيًا: أنَّ الشَّارِعَ الحَكيمَ عَلَّقَ ثُبوتَ الحُدودِ بالشُّهودِ لصيانةِ الأعراضِ، ولعِظَمِ الخَطَرِ في ذلك لم يَكتَفِ سُبحانَه بأقَلَّ مِن أربَعةِ شُهودٍ عِيانٍ [557] يُنظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (22/ 30).  .
ثالِثًا: أنَّ هذه الوسائِلَ لا تَخلو مِن شَكٍّ؛ لأنَّه يُمكِنُ العَبَثُ بها ودَبلَجَتُها، فلا يَصِحُّ الاعتِمادُ عليها في إثباتِ وُقوعِ الزِّنا [558] يُنظر: ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين اللقاء رقم (37). .

انظر أيضا: