موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ: صورُ "أنْ"


تأتي "أنْ" في أكثَرَ مِن صورةٍ؛ فقد تكون زائدةً، وذلك إذا وقعت بعد (لَمَّا)؛ كقَولِه تعالى: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ [يوسف: 96] ، أو وقعت بين القَسَمِ و(أو)، كقَولِ الشَّاعِرِ:
أمَا واللهِ أنْ لو كنتَ حرًّا
وما بالحُرِّ أنتَ ولا العتيقِ
وقد تكونُ مفسِّرةً، تُنزَّلُ مَنزِلةَ "أيْ"، وذلك إذا أتت بعد حكايةِ ما فيه معنى القَولِ دون حروفِه، تَقولُ: أشرتُ إليه أنِ انْهَضْ، ومنه قَولُه تعالى: فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ [المؤمنون: 27] ، وقَولُه تعالى: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [مريم: 11] .
وقد تكونُ مَصدريَّةً، وهي المقصودةُ هنا، فتُؤوَّلُ هي وصِلَتُها بمصدَرٍ، وهي التي تَنصِبُ المضارعَ بشَرطِ ألَّا تكونَ المُخَفَّفةَ مِن "أنَّ" الثَّقيلةِ.
فإذا سُبقت بفِعلِ (عَلِم) فهي المخَفَّفةُ مِنَ الثَّقيلةِ، والفِعْلُ بَعْدَها مَرفوعٌ، كقَولِه تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى [المزمل: 20] ، وقَولِه تعالى: أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ [طه: 89] ، وقد سبق بيانُ ذلك في بابِ "إنَّ وأخواتِها".
أمَّا إذا سُبِقَت بـ(ظَنَّ) أو ما يساويها، فيحتَمِلُ أن تكونَ المُخَفَّفةَ مِنَ الثَّقيلةِ، ويحتَمِلُ أن تكونَ المصدريَّةَ النَّاصِبةَ، إلَّا أنَّ النصبَ هو الأكثَرُ؛ ولهذا اتَّفَق القُرَّاءُ على نَصبِ: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [العنكبوت: 2] ، ورُوِيت القراءتانِ في وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا [المائدة: 71] ؛ بنَصبِ "تكونُ" ورفعِها.
فإن كان العامِلُ فيها غيرَ "عَلِم" و"ظَنَّ" وجب أن تكونَ النَّاصِبةَ المصدريَّةَ، تَقولُ: أريدُ أن تَنجَحَ.
أريدُ: فِعلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديرُه: أنا.
أن: حرفُ نَصبٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
تنجَحَ: فِعلٌ مُضارعٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، والمصدَرُ المؤَوَّلُ من (أنْ) والفِعْل في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به.

انظر أيضا: