موسوعة التفسير

سُورةُ يُوسُفَ
الآيات (94- 98)

ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ

غريب الكلمات:

فَصَلَتِ: أي: خرجَتْ وفارَقَتْ؛ مِن قَولِهم: فصل من البلدِ فُصولًا: إذا انفصل منه، وجاوزَ حِيطانَه، وأصلُ (فصل): يدلُّ على تمييزِ الشَّيءِ مِن الشَّيءِ، وإبانتِه عنه [1082] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/335)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/505)، ((تفسير الزمخشري)) (1/1225)، ((لسان العرب)) لابن منظور (11/522). .
تُفَنِّدُونِ: أي: تُسَفِّهوني، وتَنسُبوني إلى الفَنَدِ: وهو الخَرَفُ، وضَعْفُ الرَّأْيِ والعَقلِ مِن كِبَر السِّنِّ، وأصلُ (فند): يدلُّ على ثِقَلٍ وشِدَّةٍ [1083] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 222)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/453)، ((المفردات)) للراغب (ص: 646)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 176)، ((لسان العرب)) لابن منظور (3/338)،  ((تفسير الألوسي)) (7/51). .

المعنى الإجمالي :

يقولُ الله تعالى: ولَمَّا خرجَتْ قافلةُ بَني يَعقوبَ من مِصْرَ مُتَّجِهةً إلى الشَّامِ، قال يعقوبُ لِمَنْ حَضَرَ عندَه: إنِّي لَأشَمُّ رائحةَ يوسُفَ، لولا أن تُكَذِّبوني وتَنسُبوني إلى الهَرَمِ والخَرَفِ، فقال له الحاضِرونَ: واللَّهِ، إنَّك لفي خَطئِك الَّذي كنتَ عليه قديمًا، فلَمَّا أنْ جاء يعقوبَ ولدُه المبَشِّرُ برِسالةِ يوسُفَ، ألْقَى قَميصَ يوسُفَ على وجْهِ أبيه، فعاد مُبْصِرًا بعَينَيهِ كما كان. قال يعقوبُ لأولادِه: ألَمْ أَقُلْ لكم: إنِّي أعلمُ مِنَ اللَّهِ تعالى ما لا تَعلمونَه؟ قال أولادُ يعقوبَ لأبيهم: يا أبانا، اطلُبْ مِنَ اللَّهِ أنْ يَغفِرَ لنا ذُنوبنَا؛ إنَّا نَعترِفُ بأنَّنا كُنَّا خاطِئينَ، فقال لهم أبوهم: سوف أطلُبُ مِن ربِّي أنْ يَغفِرَ لكم؛ إنَّ ربِّي هو الغَفورُ الرَّحيمُ.

تفسير الآيات :

وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (94).
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ.
أي: ولَمَّا خرجَتْ قافلةُ بَنِي يعقوبَ مِن مصرَ إلى الشَّامِ، قال يعقوبُ عليه السَّلامُ لِمَنْ حضَرَ عِندَه: إنِّي لَأَشَمُّ رائحةَ ابْنِي يوسُفَ [1084] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/332)، ((تفسير القرطبي)) (9/259، 260)، ((تفسير ابن كثير)) (4/409)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/52). !
لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ.
أي: لولا أنْ تَنْسُبوني إلى الهَرَمِ وضَعْفِ العَقلِ والخَرَفِ، لَتَحَقَّقْتُم ذلك وصَدَّقْتُمُوني [1085] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/336، 341)، ((تفسير أبي حيان)) (6/323)، ((تفسير ابن كثير)) (4/409)، ((تفسير القاسمي)) (6/218)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/52). .
قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ (95).
أي: قال الحاضِرونَ [1086] قال ابنُ عاشورٍ: (والذين قالوا: تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ هم الحاضرونَ مِن أهلِه، ولم يَسبقْ ذكرُهم؛ لظهورِ المرادِ منهم، وليسوا أبناءَه؛ لأنَّهم كانوا سائِرينَ في طريقِهم إليه). ((تفسير ابن عاشور)) (13/52). ليعقوبَ: واللَّهِ، إنَّك لفي خَطئِك الَّذي كنتَ عليه قديمًا، قد ذهبتَ عن العلمِ بحقيقةِ أمرِ يوسفَ، ومِن أجلِ ذلك تطمعُ في رجوعِه إليك [1087]  يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/342)، ((تفسير السمعاني)) (3/64)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/351)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/53). .
فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (96).
فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا.
أي: فلَمَّا أنْ جاءَ يَعقوبَ ولَدُه المبَشِّرُ برِسالةِ يوسُفَ، ألْقَى قَميصَ يوسُفَ على وجهِ يعقوبَ، فعاد مُبْصِرًا بعَينيهِ كما كان [1088] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/343، 346)، ((تفسير السعدي)) (ص: 405)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/53). !
قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
أي: قال يعقوبُ لأولادِه: ألم أقُلْ لكم: إنِّي أعلَمُ مِنْ اللَّهِ أنَّه سيَرُدُّ عليَّ يوسُفَ، ويَجمَعُ بيني وبينَه [1089] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/346)، ((تفسير ابن كثير)) (4/410)، ((تفسير السعدي)) (ص: 405). .
قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97).
أي: قال إخوةُ يوسُفَ لأبيهم: يا أبانا، اسأَلِ اللَّهَ أنْ يَسْتُرَ علينا ذُنوبَنا الَّتي أذْنَبْناها في حقِّك وحقِّ يوسُفَ، ويَتجاوزَ عن مُؤاخَذَتِنا بها؛ إنَّا كُنَّا مُذْنِبينَ مُتَعَمِّدين للإثمِ بمَا فعَلْنا [1090] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/346)، ((تفسير الثعلبي)) (5/257)، ((تفسير الشربيني)) (2/135)، ((تفسير السعدي)) (ص: 405). .
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98).
أي: قال يَعقوبُ لهم: سوفَ أسأَلُ ربِّي أنْ يَغفِرَ ذُنوبَكم؛ إنَّ ربِّي هو السَّاتِرُ لِذُنوبِ التَّائِبين المُتجاوِزُ عن المُؤاخَذةِ بها، الرَّحيمُ بهم؛ فلا يُعَذِّبُهم بعدَ تَوْبَتِهِم [1091] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (2/350)، ((تفسير ابن جرير)) (13/346، 349)، ((تفسير ابن كثير)) (4/410). .

الفوائد التربوية :

1- قولُ اللَّهِ تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أوْصَل اللَّهُ تعالى إلى يَعقوبَ رِيحَ يوسُفَ عليه السَّلامُ عندَ انْقِضاءِ مُدَّةِ المِحنةِ، ومَجِيءِ وقتِ الرَّوْحِ والفرَحِ مِنَ المكانِ البَعيدِ، ومَنَعَ مِن وُصولِ خَبَرِهِ إليه مع قُرْبِ إحدى البلدتَيْنِ مِنَ الأُخْرى طوالَ سنواتِ هذه المحنةِ، وذلك يدلُّ على أنَّ كلَّ سَهْلٍ فهو في زَمانِ المِحنَةِ صَعْبٌ، وكلَّ صعبٍ فهو في زمانِ الإِقبالِ سَهْلٌ [1092] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (18/508). .
2- قولُ اللَّهِ تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ لَمَّا سأَلَ إخوةُ يوسُفَ أباهمُ الاستغفارَ لِذُنوبِهم، عَلَّلُوه بالاعترافِ بالذَّنْبِ؛ لأنَّ الاعترافَ شَرْطُ التَّوْبةِ [1093] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/215). .

الفوائد العلمية واللطائف :

1- قولُ اللَّهِ تعالى: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ عَجَّلوا إليه بَشيرًا، فأسرَعَ بعدَ خُروجِ العِيرِ مِن مِصرَ إلى الشَّامِ؛ ولذلك عبَّرَ بالفاءِ في فَلَمَّا [1094] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/214). .
2- قولُ الله تعالى: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ فيه دَلالةٌ على جوازِ التَّبشيرِ ببشائرِ الدُّنيا واستحبابِه، وجوازِ السُّرورِ بحُصولِ النِّعَم الحاصلةِ في الدُّنيا [1095] يُنظر: ((تفسير القاسمي)) (6/219). .
3- قال الله تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ إنَّما سألوه المغفرةَ؛ لأنَّهم أدخلوا عليه مِن ألمِ الحُزنِ ما لا يسقُط المأثمُ عنه إلَّا بإحلالِه، وهذا الحكمُ ثابِتٌ فيمن آذى مُسلِمًا في نفسِه أو مالِه أو غيرِ ذلك ظالِمًا له، فإنَّه يجِبُ عليه أن يتحلَّلَ منه [1096] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/262). .
4- قال الله تعالى عن إخوةِ يُوسفَ بعدَ ندامتِهم: قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا يوسف: 97 ولم يقولوا: كفرنَا، ولا رَدَّ اللهُ عليهم ولا أبوهم قولَهم، مع كلِّ ما ذكرَهم به مِن الغَدْرِ بأخيهم وإلقائِه في الجُبِّ، وكَذِبِهم بعد رجوعِهم إلى أبيهم، ففي ذلك رَدٌّ على الخوارجِ فيما يزعمونَ أنَّ الذنوبَ كُفْرٌ [1097] يُنظر: ((النكت الدالة على البيان)) للقَصَّاب (1/609). .
5- قولُ اللَّهِ تعالى: قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي، ثم عَلَّلَ ذلك بقولِه: إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فعَلَ كلَّ ذلك؛ تسكينًا لقلوبِهم، وتَصحيحًا لرَجائِهم؛ ليَقْوَى أملُهم؛ فيكونَ تعالى عند ظنِّهِم بتحقيقِ الإجابةِ، وتنجيزًا لِطَلَبِه [1098] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/215، 216). قال المراغي: (الفارِقُ بين جَوابِ يعقوبَ، [أي: قوله: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي] وجَوابِ يوسُفَ، [أي: قوله: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ] مِن وُجوهٍ كثيرةٍ اقتَضَتها الحِكمةُ: الأوَّل: أنَّ حالَ أبيهم معهم حالُ المُربِّي المُرشِدِ للمُذنبِ، لا حالُ المُنتَقِم الذي يُخشَى أذاه، وليس مِن حُسنِ التَّربية ولا مِن طُرُقِ التَّهذيبِ أن يُرِيَهم أنَّ ذَنبَهم هيِّنٌ لديه، حتى يُعجِّلَ بإجابةِ مَطلَبِهم بالاستغفارِ لهم. الثاني: أنَّ ذَنبَهم لم يكُنْ مُوجَّهًا إليه مباشرةً، بل مُوجَّهٌ إلى يوسُفَ وأخيه، ثمَّ إليه بالتَّبَع واللُّزومِ، إلَّا أنَّه ليس من العدلِ أن يستغفِرَ لهم إلَّا بعد أن يَعلمَ حالَهم مع يوسُفَ وأخيه، ولم يكُنْ يعقوبُ قد علِمَ بعفوِ يوسُفَ عنهم، واستغفارِه لهم. الثالث: أنَّ هذا ذنبٌ كبيرٌ، وإثمٌ عظيمٌ طال عليه الأمَدُ، وحَدَثَت منه أضرارٌ نفسيَّةٌ وخُلُقيَّة، وأعمالٌ كان لها خَطَرُها، فلا يَمَّحِي إلَّا بتوبةٍ نَصوحٍ، فلا يَحسُنُ بعدَئذٍ مِن المرُبِّي الحكيمِ أن يسارِعَ إلى الاستغفارِ لِمُقتَرِفِها عَقِبَ طَلَبِه، حتى كأنَّها مِن هَيِّناتِ الأمورِ التي تُغفَرُ ببادرةٍ مِن النَّدَمِ! ومِن ثمَّ تلبَّثَ في الاستغفارِ لهم إلى أجَلٍ، لِيُعلِمَهم عظيمَ جُرمِهم، ويُعلِمَهم بأنَّه سوف يتوجَّهُ إلى ربِّه، ويطلُبَ لهم الغُفرانَ منه بفَضلِه ورَحمتِه. الرابع: أنَّ حالَ يوسُفَ معهم كان حالَ القادِرِ، بل المالِكِ القاهِرِ، مع مُسيءٍ ضَعيفٍ لديه، عظُمَ جُرمُه عليه، فلم يشَأْ أن يكونَ الغُفرانُ بشَفاعتِه ودُعائِه، فآمَنَهم مِن خَوفِ الانتقامِ؛ تعجيلًا للسُّرورِ بالنِّعمةِ الجديدةِ التي جعل اللهُ أمْرَها بين يَدَيه، ولِيَرَوا ويرى النَّاسُ فَضلَ العَفوِ عند القُدرةِ، ولِيَكونَ لهم في ذلك أحسَنُ الأُسوةِ، وفى هذا مِن ضُروبِ التَّربيةِ أكبَرُ العِظَةِ، ولو أخَّرَ المَغفِرةَ لكانوا في وجَلٍ ممَّا سيحُلُّ بهم، ولَخافوا شَرَّ الانتقامِ، فكانوا في قلقٍ دائمٍ، وتبلبُلِ بالٍ، واضطِرابِ نفسٍ، فكان توجُّسُهم له عذابًا فوقَ العذابِ الذي هم فيه، ولكِنْ شاءت رحمتُه بهم أن يجعَلَ السُّرورَ عامًّا، والحياةَ الجديدةَ حافِلةً بالاطمِئنانِ، وقُرَّةِ العينِ، وهكذا شاء اللهُ أن يكونَ ذلك، وهو العليمُ الحكيمُ). ((تفسير المراغي)) (13/40) بتصرف. .

بلاغة الآيات :

1- قوله تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ
- قولُه: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ فيه تأْكيدُ هذا الخبَرِ بـ (إنَّ) واللَّامِ؛ لأنَّه مَظِنَّةُ الإنكارِ؛ ولذلك أعقَبَه بـ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ [1099] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/52). .
2- قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
- قولُه: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا أَنْ مَزيدةٌ؛ للتَّأْكيدِ، وفائدةُ التَّأْكيدِ في هذه الآيةِ تَحقيقُ هذه الكَرامَةِ الحاصِلةِ ليعقوبَ عليه السَّلامُ؛ لأنَّها خارِقُ عادةٍ؛ ولذلك لم يُؤْتَ بـ (أنْ) في نظائرِ هذه الآيةِ ممَّا لم يَكُنْ فيه داعٍ للتَّأكيدِ [1100] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/50)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (5/57). ؛ ففيه مُناسَبةٌ حَسَنَةٌ مِن هذا الوجْهِ.
وقيل: إنَّه قال هنا: فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا وفي سورةِ (العنكبوتِ) آخِرًا قال: وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا بذِكْرِ (أنْ)، وقال في (هودٍ): وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا، وفي (العنكبوتِ) أوَّلًا قال: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى بحَذْفِ (أنْ)؛ للتَّنبيهِ على جوازِ الأمْرينِ [1101] يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (1/281). .
3- قوله تعالى: قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ فيه الاقتِصارُ على استِدْعاءِ الاستغفارِ، وعدَمِ طَلَبِ صَفْحِ أبيهم عنهم، ومِنْ حقِّ مَنِ اعترَفَ بذَنْبِه أنْ يُصْفَحَ عنه، ويُسْتَغْفَرَ له؛ فكأنَّهم كانوا على ثِقَةٍ مِن عَفوِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ ولذلك اقتَصَروا على استدْعاءِ الاستغفارِ، وأدْرَجوا ذلك في الاستغفارِ [1102] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4/306). .
4- قوله تعالى: قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
- قولُه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فيه التَّعبيرُ عن عِدَتِه لهم بالاستغفارِ بـ (سَوْفَ)، وهي أبلَغُ في التَّنفيسِ مِن السِّينِ [1103] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/325). ، وإنَّما وعَدَهم بالاستغفارِ في الْمُستقبَلِ؛ للدَّلالةِ على أنَّه يُلازِمُ الاستغفارَ لهم في أزمِنةِ المستقبَلِ، ويُعْلَمُ منه أنَّه استغفرَ لهم في الحالِ بدَلالةِ الفَحْوى، ولكنَّه أرادَ أنْ يُنَبِّهَهم إلى عِظَمِ الذَّنْبِ وعَظَمَةِ اللَّهِ تعالى، وأنَّه سيُكَرِّرُ الاستغفارَ لهم في أزمِنةٍ مُستقبَلةٍ [1104] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/54). . وقيل: إنَّ يَعقوبَ أخَّرَ الدُّعاءَ والاستغفارَ لهم إلى وقْتِ السَّحَرِ؛ لأنَّه أشرَفُ الأوقاتِ، وهو الوقْتُ الَّذي يقولُ اللَّهُ فيه: هلْ مِن داعٍ، فأستجيبَ له [1105]  يُنظر: ((تفسير الخازن)) (2/555) ونسَبه إلى أكثرِ المفسِّرين. ويُنظر: ((البسيط)) للواحدي (12/247). .
- وجُملةُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ في موضِعِ التَّعليلِ لجُملةِ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي، وفيه التَّأكيدُ بضَميرِ الفصْلِ (هو)؛ لِتَقْويةِ الخبَرِ [1106] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/54). .