موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الخامِسُ: ما يَلحَقُ بالجِناسِ


اشتَرطَ البَلاغيُّونَ في الجِناسِ ألَّا يكونَ بينَ الكَلمتَينِ اتِّفاقٌ في المَعْنى، وَيدخُلُ في الاتِّفاقِ في المَعْنى الاتِّفاقُ في جذْرِ الكَلمةِ؛ فإذا كان الجذْرُ واحِدًا كان بينَ الكَلمتَينِ تَقارُبٌ في المَعْنى.
ولهذا ألحقوا بالجِناس شَيئَينِ:
1- جِناسَ الاشْتِقاقِ:
وهُو ما كان بينَ الكَلمتَينِ اتفِّاقٌ في الجذْرِ، مِن غيرِ أن يتَّفقَ المَعْنى، كقَولِه تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [الروم: 43] ؛ فبيْنَ كَلمةِ "أقِمْ" وبينَ "القيِّم" اتِّفاقٌ في الجذْرِ؛ فإنَّهما مِن مادَّةِ "ق و م"، وكذلك قولُه تعالى: فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ [الواقعة: 89] ؛ فكِلاهما مِنَ الجذْرِ (ر و ح).
ومنه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القِيامةِ )) [467] أخرجه البخاري (2447)، ومسلم (2579) من حديث عبدالله بن عمر رَضِيَ اللهُ عنهما. ؛ فبينَ "الظُّلم" و"ظُلُمات" اتِّفاقٌ في أصْلِ الجذْرِ، وهُو (ظ ل م)، إلَّا أنَّ المَعْنى مُخْتلِفٌ تَمامًا.
ومنه قولُ البُحْتُريِّ: الكامل
يَعْشى عنِ المجْدِ الغَبيُّ ولن تَرى
في سُؤدُدٍ أرَبًا لغيرِ أَريبِ
فالأرَبُ: الحاجَةُ، والأرِيبُ: البَصيرُ بالأمورِ، لكنَّ أصْلَهما واحِدٌ، وهُو الجذْرُ (أ ر ب).
2- ما يُشبِهُ الاشْتِقاقَ: وهُو أن يكونَ بَيْنَ اللَّفظَينِ ما يُشبِهُ الاتِّفاقَ في الجذْرِ وليس كذلك؛ كقَولِه تعالى: قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ [الشعراء: 168] ؛ فـ"قال" مِنَ القولِ، و"القالِين" يَعْني الكارِهين، الأُولى مِن مادَّةِ (ق و ل)، والثَّانية مِن (ق ل ي)، لكنَّ النَّاظِرَ والسَّامِعَ يَحسَبُ للوَهْلةِ الأُولى أنَّهما مِن أصلٍ واحِدٍ.
وكذلك قولُه تعالى: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ [الرحمن: 54]؛ فإنَّ "جنَى" بمَعْنى ثِمار، مِن مادَّةِ (ج ن ي)، و"الجَنَّتَين" مُثنَّى الجنَّةِ، وهِي مِن مادَّةِ (ج ن ن).
ومنه قولُ البُحْتُريِّ: الخفيف
وإذا ما رِياحُ جُودِك هَبَّتْ
صار قولُ العَذولِ فيها هَباءَ
فبينَ قولِه: "هبَّت" و"هَباء" تَقارُبٌ في النُّطقِ لوُجودِ حرْفَيِ الهاءِ والباءِ في كلٍّ، لكنَّهما ليْسا مِن أصْلٍ واحِدٍ؛ فالكَلمةُ الأُولى فِعلٌ مُضعَّفٌ مِن مادَّةِ (ه ب ب)، والكَلمةُ الثَّانيةُ اسمٌ مِن مادَّةِ (ه ب و) [468] ينظر: ((عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح)) لبهاء الدين السبكي (2/ 291)، ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (4/ 647). .

انظر أيضا: