موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الثَّاني: اخْتِلافُ اللَّفظَينِ في أعْدادِ الحُروفِ


ويُسمَّى بالجِناسِ النَّاقِصِ؛ لأنَّ أحدَ رُكنَيه يَنقُصُ في عدَدِ الحُروفِ عنِ الآخَرِ. وهُو نَوعانِ:
الأوَّلُ: ما كان النُّقصانُ والزِّيادةُ في حرْفٍ واحِدٍ
سواءٌ كانتِ الزِّيادةُ في أوَّلِه، كقَولِه تعالى: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة: 29-30] ، بزيادةِ المِيمِ في "المَساقِ" دُونَ كَلمةِ "السَّاقِ"، ومِثلِ قولِهم: "دَوامُ الحالِ مِنَ المُحالِ"، بزِيادةِ المِيمِ في أوَّلِ "المُحالِ" ونُقْصانِها مِنَ "الحالِ"، ومنه قولُ الشَّاعِرِ: الطويل
فيا راكِبَ الوجْناءِ هل أنتَ عالِمٌ
فِداؤُكَ نَفْسي كيفَ تلك المَعالِمُ
فالجِناسُ بينَ قولِه: "عالِمُ" وبينَ "مَعالِمُ"، والخِلافُ بينَهما في زِيادةِ المِيمِ في أوَّلِ الكَلمةِ الثَّانيةِ دُونَ الأُولى.
أو كانتِ الزِّيادةُ في وسَطِه، كقَولِهم: "جَدِّي جَهْدي" [464] الجَدُّ: الحَظُّ، والجَهدُ: التَّعَبُ والمشقَّةُ. والمعنى: حظِّي من الدُّنيا على قَدْرِ تَعَبي ومشقَّتي فيها. ؛ بزِيادةِ الهاءِ في وسَطِ الكَلمةِ الثَّانيةِ، بغَضِّ النَّظرِ عن تَشديدِ الدَّالِ في الكَلمةِ الأُولى. ومنه كذلك قولُك: "المَجْنونُ مَنْ لا يَصحو حتَّى يَنزِلَ به المَنونُ".
أو كانتِ الزِّيادةُ في آخِرِه، كقولِ الشَّاعِرِ: الكامل
فتَنَفَّستْ صُعَدًا وقالتْ ما الهَوى
إلَّا الهَوانُ فزَال عنهُ النُّونُ
فالجِناسُ بينَ كَلمتَي الهَوى والهَوانِ، والاخْتِلافُ بينَهما في زِيادةِ النُّونِ في آخِرِ الكَلمةِ الأخيرَةِ.
وقولِ الشَّاعِرِ: الخفيف
أيُّها الصَّاحِبُ الَّذي فارقَتْ عَيْـ
ـني ونَفْسي منه السَّنا والسَّناءَ
نحنُ في المَجلِسِ الَّذي يَهَبُ الرَّا
حةَ والمَسمَعَ الغِنَى والغِناءَ
نَتَعاطى الَّتي تُنسِّي مِنَ اللَّـذ
ـذةِ والرِّقَّةِ الهَوى والهَواءَ
ففي البيتِ الأوَّلِ وقَع الجِناسُ بينَ كَلمتَيِ: "السَّنا" و"السَّناء"، والاخْتِلافُ بينَهما في زِيادةِ الهَمْزةِ في آخِرِ الكَلمةِ الثَّانيةِ، كذلك في البيتِ الثَّاني وقَع الجِناسُ بينَ "الغِنى" و"الغِناء" معَ اتِّفاقِهما في اللَّفظِ والحَرَكاتِ واخْتِلافِهما في زِيادةِ الهَمْزةِ كذلك، وفي البيتِ الثَّالثِ كذلك بينَ الهَوى والهَواء، معَ بَيانِ الفرْقِ في المَعْنى بينَ الكَلماتِ كُلِّها؛ فالسَّنا: الضَّوءُ، والسَّناءُ: الشَّرَفُ، والغِنى: ضِدُّ الفَقْرِ، والغِناءُ مَعْروفٌ، والهَوى: الحُبُّ، والهَواءُ مَعْروفٌ كذلك.
الثَّاني: ما كان الزِّيادةُ والنُّقصانُ في حرْفَينِ، ويقعُ في آخِرِ إحْدى الكَلمتَينِ
ويُقالُ له: الجِناسُ المُذَيَّلُ، كقولِ النَّابِغةِ: الطويل
لهم نارُ جِنٍّ بعد أنْسٍ تَحوَّلوا
وزالَ بهم صرْفُ النَّوى والنَّوائِبِ
فالجِناسُ واقِعٌ بينَ قولِه: "النَّوى" و"النَّوائِب"، والزِّيادةُ في الهَمْزةِ والباءِ في آخِرِ الكَلمةِ الأخيرَةِ.
وقولِه أيضًا: الطويل
فيا لكَ مِن حزْمٍ وعزْمٍ طواهما
جَديدُ الرَّدى بينَ الصَّفا والصَّفائِحِ
زادتِ الكَلمةُ الأخيرَةُ "الصَّفائِح" على الكَلمةِ الأُولى "الصَّفا" بالهَمْزةِ والحاءِ.
وقولِ حسَّانَ بنِ ثابِتٍ رضِي اللهُ عنه: الطويل
وكنَّا متى يَغْزُ النَّبيُّ قَبيلةً
نَصِلْ جانِبَيهِ بالقَنا والقَنابِلِ
فبينَ "القَنا" و"القَنابِل" جِناسٌ ناقِصٌ بزِيادةِ الباءِ واللَّامِ في آخِرِ الكَلمةِ الأخيرَةِ.
وقولِ الخَنْساءِ رضِي اللهُ عنْها: الكامل
إنَّ البُكاءَ هو الشِّفا
ءُ مِنَ الجَوى بينَ الجَوانِحْ
وقَع الجِناسُ في عجُزِ البيتِ بينَ كَلمتَيِ: "الجَوى" و"الجَوانِح"، وبينَهما اخْتِلافٌ في زِيادةِ النُّونِ والحاءِ في آخِرِ الكَلمةِ الأخيرَةِ.

انظر أيضا: