موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الرَّابعُ: اخْتِلافُ اللَّفظَينِ في تَرتيبِ الحُروفِ


وهُو أنْ يتَّفقَ طرفا الجِناسِ في الحُروفِ والنَّقْطِ، ويَخْتلفا في تَرتيبِ الحُروفِ. ويُسمَّى هذا النَّوعُ جِناسَ القلْبِ، وجِناسَ العكْسِ.
وهو أنْواعٌ:
1- قلْبُ كلٍّ: وهُو أن يكونَ أحدُ الحَرفَينِ عكْسَ الآخَرِ في تَرتيبِ حُروفِه كلِّها، كقولِ الشَّاعِرِ: الوافر
حُسامُك فيه للأحْبابِ فَتْحٌ
ورُمْحُك فيه للأعْداءِ حَتْفُ
فبينَ الفَتْحِ والحَتْفِ جِناسٌ بالقلْبِ في تَرتيبِ الحُروفِ.
ومنه قولُ ابنِ نُباتةَ في مدْحِ الأميرِ بَهرامَ: الخفيف
قيلَ كلُّ القُلوبِ مِنْ
رَهَبِ الحرْبِ تَضْطرِبْ
قُلتُ هذا تَخرُّصٌ
قلْبُ بَهرامَ ما رَهِبْ
فإنَّ كَلمةَ "بَهرام" إذا عكَسْتَها صارت "ما رهِب".
2- قلبُ بعضٍ: وهُو اخْتِلافُ اللَّفظَينِ في تَرتيبِ بعضِ الحُروفِ، كقولِ الشَّاعِرِ: الخفيف
إنَّ بينَ الضُّلوعِ منِّيَ نارًا
تَتلظَّى فكيفَ لي أنْ أُطِيقا
فبِحقِّي عليكَ يا مَنْ سَقاني
أرَحيقًا سقَيتَني أم حَريقا
فبيْنَ الرَّحيقِ والحَريقِ جِناسٌ بقلْبِ بعضِ الحُروفِ؛ حيثُ تَبدَّلَ تَرتيبُ الرَّاءِ والحاءِ في المَوضِعَينِ.
ومنه قولُ أبي تَمَّامٍ: البسيط
بِيضُ الصَّفائِحِ لا سُودُ الصَّحائِفِ في
مُتونِهنَّ جَلاءُ الشَّكِّ والرِّيَبِ
فالجِناسُ ظاهِرٌ بينَ الصَّفائِحِ والصَّحائِفِ، والاخْتِلافُ في تَرتيبِ الفاءِ والهَمْزةِ والحاءِ في الكَلمتَينِ.
3- قلْبٌ مُجنَّحٌ: وهُو أن يكونَ أحدُ اللَّفظَينِ اللَّذينِ وقَع بينَهما القلْبُ في أوَّلِ البيتِ والثَّاني في آخِرِه، كأنَّهما جَناحانِ للبيتِ.
كقولِ الشَّاعِرِ:
ساقٍ يُريني قلْبُه قَسْوةً
وكلُّ ساقٍ قلْبُه قاسِ
فالجِناسُ حاصِلٌ بينَ كَلمةِ "ساقٍ" الَّتي في أوَّلِ البيتِ، وبينَ كَلمةِ "قاسِ" في آخِرِه، والقلْبُ الحاصِلُ بينَهما قلبٌ كُلِّيٌّ، لكنْ وقَع أحدُهما في أوَّلِ البيتِ، والثَّاني في آخِرِه.
4- قلبٌ مُسْتوٍ: وهُو أن يكونَ عكْسُ لفظَيِ الجِناسِ كطَرْدِهما، بمَعْنى أنَّه يُقرأ مِنَ الشِّمالِ إلى اليَمينِ كما يُقرأ مِنَ اليَمينِ إلى الشِّمالِ مِن غيرِ فرْقٍ. ويُقالُ له: ما لا يَسْتحيلُ بالانْعِكاسِ.
كقَولِه تعالى: كُلٌّ فِي فَلَكٍ [الأنبياء: 33] ؛ فإنَّك إنْ قرأتَ الكَلِماتِ الثَّلاثَ مِنَ الشِّمالِ إلى اليَمينِ أعْطَتكَ نفْسَ النُّطْقِ، ومثلُها قولُه تعالى: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [المدثر: 3] .
ومنه قولُ الحَريريِّ: "ساكِبُ كاسٍ". وقولُ الشَّاعِرِ: الكامل
ليلٌ أضاءَ هِلالُه
أنَّى يُضيءُ بكَوكَبِ
فكلُّ كَلمةٍ في البيتِ تُقرَأ مُسْتويةً ومَعْكوسةً [466] ينظر: ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 355)، ((علم البديع)) لعبد العزيز عتيق (ص: 205). .

انظر أيضا: