الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ التَّاسِعُ والعِشرون: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسْمَيِ اللهِ: القاهِرِ والقَهَّارِ

إنَّ القَهَّارَ على الحقيقةِ هو اللهُ وَحْدَه سُبحانَه؛ فقد قهر وغلب عبادَه أجمعين، حتى إنَّ أَعْتى الخَلْقِ يتضاءَلُ ويتلاشى أمامَ قَهرِ اللهِ وجَبَروتِه، فها هو الموتُ الذي كتبه اللهُ على عبادِه لا يستطيعُ الخَلْقُ رَدَّه عن أنفُسِهم، وقد ذكر اللهُ الموتَ قريبًا من وَصْفِه نَفْسَه بـ (القاهر) في قَولِه: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ [الأنعام: 61-62] .
وممَّا قهرهم به أيضًا: الأمراضُ والمصائِبُ والنَّكَباتُ التي لا يملِكونَ رَدَّها عن أنفُسِهم.
وقَولُه تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام: 61] يُستفادُ منه صِفةُ العُلُوِّ لله سُبحانَه على عبادِه.
واللهُ القَهَّارُ مُستَحِقٌّ للعبادةِ والألوهيَّةِ وما سواه من الآلهةِ فإنَّما هي مخلوقاتٌ عاجِزةٌ مقهورةٌ. وبهذا جادل نبيُّ اللهِ يوسُفُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاحِبَيه في السِّجنِ، فقال: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ [يوسف: 39] [3582] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/ 192). .
وأمَّا صِفةُ القَهرِ في الخَلقِ، فغالبًا ما تكونُ مَذمومةً؛ لقيامِها على الظُّلمِ والطُّغيانِ، والتسَلُّطِ على الضُّعَفاءِ والفُقَراءِ، كما قال فِرعَونُ: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ [الأعراف: 127] .
وقال تعالى: فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ [الضُّحى: 9] .

انظر أيضا: