موسوعة الأخلاق والسلوك

ثامنًا: الوسائلُ المعينةُ على الصِّدقِ


1- مراقبةُ اللهِ تعالى:
إنَّ إيمانَ المرءِ بأنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ معه يُبصِرُه ويَسمَعُه، يدفَعُه للخشيةِ والتَّحفُّظِ؛ قال اللهُ تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. [المجادلة: 7] وعندما يستحضِرُ أنَّ كَلِماتِه وخطَراتِه وحَرَكاتِه وسكَناتِه كُلَّها محصاةٌ مكتوبةٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] ، وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار: 10-11]؛ فإنَّ ذلك يقودُه إلى رياضِ الصِّدقِ في الأقوالِ والأعمالِ والأحوالِ.
2- الحياءُ:
الحياءُ يحجُبُ صاحِبَه عن كُلِّ ما هو مستقبَحٌ شرعًا وعُرفًا وذَوقًا، والمرءُ يستحيي أن يُعرَفَ بَيْنَ النَّاسِ أنَّه كذَّابٌ، وهذا هو الذي حمَل أبا سُفيانَ -وهو يومَئذٍ مُشرِكٌ- أن يَصدُقَ هِرَقلَ وهو يسألُه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. قال أبو سفيانَ: (فواللهِ لولا الحياءُ من أن يأثُروا عليَّ كَذِبًا لكذَبتُ عنه) [5791] أخرجه البخاري (7). ، أي: ينقُلوا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبتُ عليه. قال ابنُ حَجَرٍ: (وفيه دليلٌ على أنَّهم كانوا يستقبِحون الكَذِبَ، إمَّا بالأخذِ عن الشَّرعِ السَّابقِ، أو بالعُرفِ... وقد ترَك الكَذِبَ استحياءً وأنَفةً من أن يتحَدَّثوا بذلك بعد أن يرجِعوا، فيصيرَ عِندَ سامعي ذلك كذَّابًا) [5792] يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/35). . قلتُ: فالمُسلِمُ أولى بالحياءِ من ربِّه أن يسمَعَه يقولُ كَذِبًا، أو يطَّلِعَ على عَمَلٍ أو حالٍ هو فيه كاذبٌ.
3- صُحبةُ الصَّادِقين:
فقد أمرَ اللهُ عزَّ وجَلَّ المُؤمِنين أن يكونوا مع أهلِ الصِّدقِ، فقال سُبحانَه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119] ، أي: اقتَدوا بهم واسلُكوا سبيلَهم، وهم الذين استوت ظواهِرُهم وبواطِنُهم، ووفَوا بعهودِهم، وصَدَقوا في أقوالِهم وأعمالِهم.
4- إشاعةُ الصِّدقِ في الأُسرةِ:
الإسلامُ يوصي أن تُغرَسَ فضيلةُ الصِّدقِ في نفوسِ الأطفالِ؛ حتى يَشِبُّوا عليها وقد ألِفوها في أقوالِهم وأحوالِهم كُلِّها.
5- الدُّعاءُ:
فحَملُ النَّفسِ على الصِّدقِ في جميعِ أمورِها أمرٌ شاقٌّ، ولا يمكِنُ لعبدٍ أن يأتيَ به على وجهِه إلَّا بإعانةِ اللهِ له وتوفيقِه إليه.
6- معرفةُ وعيدِ اللهِ للكذَّابين وعذابِه للمُفتَرين:
قد جاءت النُّصوصُ الكثيرةُ التي تحَذِّرُ من الكَذِبِ، وتُبَيِّنُ سُوءَ عاقبتِه في الدُّنيا والآخرةِ؛ ولهذا فإنَّ تذكيرَ النَّفسِ بها ممَّا يُعينُ المرءَ على الصِّدقِ في أحوالِه كُلِّها [5793] يُنظَر: ((الرائد: دروس في التربية والدعوة)) لمازن بن عبد الكريم الفريح (3/251). .
7- العِلمُ بما أعدَّه اللهُ تعالى للصَّادقين، وما يترَتَّبُ على الصِّدقِ من منافعَ.

انظر أيضا: