موسوعة الآداب الشرعية

سابعًا: أن يَذبَحَ بنَفسِه إذا استطاع


يُستحَبُّ أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.
الأدِلَّةُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1-عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضحَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَبشينِ أملحَينِ [59] كَبشٌ أملَحُ: إذا كان بياضُه أكثَرَ مِن سَوادِه، وقيل: هو النَّقيُّ البياضِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (3/ 325)، ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 120). أقْرَنينِ [60] أقرَنَينِ، أي: لكُلِّ واحدٍ منهما قرنانِ حَسَنانِ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 120). ، ذبَحَهما بيَدِه، وسَمَّى وكَبَّرَ [61] قال النَّوَويُّ: (قولُه: «وسَمَّى» فيه إثباتُ التَّسميةِ على الضَّحيَّةِ وسائرِ الذَّبائحِ، وهذا مجمَعٌ عليه... قَولُه: «وكَبَّر» فيه استحبابُ التَّكبيرِ مع التَّسميةِ، فيقولُ: باسمِ اللهِ واللهُ أكبَرُ). ((شرح مسلم)) (13/ 121). ، ووَضَعَ رِجْلَه على صِفاحِهما [62] وَضَع رِجلَه على صفاحِهما: أي صَفحةِ العُنُقِ، وهي جانِبُه، وإنَّما فَعَل هذا ليكونَ أثبَتَ له وأمكنَ لئلَّا تضطَرِبَ الذَّبيحةُ برأسِها فتمنَعَه من إكمالِ الذَّبحِ أو تؤذيَه. يُنظر: ((شرح مسلم)) (13/ 121). ) [63] رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966). .
2- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكَبشٍ أقرَنَ يَطَأُ في سَوادٍ، ويَبرُكُ في سَوادٍ، ويَنظُرُ في سَوادٍ [64] مَعناه: أنَّ قَوائِمَه وبَطنَه وما حَولَ عَينَيه أسوَدُ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 120). ، فأُتيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائِشةُ، هَلُمِّي المُديةَ [65] المُديةُ: السِّكِّينُ. يُنظر: ((العين)) للخليل (5/ 313). ، ثُمَّ قال: اشحَذيها بحَجَرٍ [66] يُقالُ: شَحَذتُ السِّكِّينَ ونَحوَها: إذا حَدَّدتَها بالمِسَنِّ وغَيرِه مِمَّا يُستَخرَجُ به حَدُّها. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (3/ 352). ، ففعَلَت: ثُمَّ أخَذَها، وأخَذَ الكَبشَ فأضجَعَه، ثُمَّ ذَبَحَه، ثُمَّ قال: باسمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، ومِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهـ)) [67] أخرجه مسلم (1967). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نُقِل الإجماعُ على ذلك [68] قال النَّوويُّ: (وفيه إجزاءُ الذَّكَرِ في الأُضْحِيَّةِ، وأنَّ الأفضَلَ أن يذبَحَها بنَفْسِه، وهما مُجمَعٌ عليهما). ((شرح مسلم)) (13/116). .
وأمَّا التَّعليلُ
فلأنَّها قُربةٌ، وفِعْلُ القُربةِ أَوْلى مِنِ استنابَتِه فيها [69] قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (مِنَ الفِقْه أن يتولَّى الرَّجُلُ نَحْرَ هَدْيِه بيَدِه، وذلك عِندَ أهلِ العِلمِ مُستحَبٌّ مُستحسَنٌ؛ لفِعْلِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك بيَدِه، ولأنَّها قُربةٌ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ، فمباشَرَتُها أَولَى، وجائِزٌ أن ينحَرَ الهَدْيَ [غيرُ] صاحِبِها، ألا ترى أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه نحَرَ بعْضَ هَدْيِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو أمرٌ لا خلافَ بين العُلَماءِ في إجازَتِهـ). ((التمهيد)) (2/107)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (4/ 308). .

انظر أيضا: