المعنى الإجمالي:
يخبرُ الله تعالى أنَّ نوحًا عليه السَّلامُ ناداه، فقال: ربِّ إنَّك وعَدْتني أن تُنجِّيَني وأهلي من الغَرَقِ والهلاكِ، وإنَّ ابني هذا من أهلي، وإنَّ وَعدَك الحَقُّ الذي لا خُلْفَ فيه، وأنت أحكَمُ الحاكمينَ وأعدَلُهم.
قال الله: يا نوحُ إنَّ ابنَك الذي هلك ليس مِن أهلِك الذين وَعَدتُك أن أُنجيَهم؛ لأنَّه صاحبُ عملٍ غيرِ صالحٍ وهو الكفرُ، وإنِّي أنهاك أن تسألَني أمرًا لا عِلمَ لك به، إنِّي أعِظُك أن تكونَ مِن الجاهلينَ في مسألتِك إيَّاي عن ذلك.
قال نوحٌ: يا رَبِّ إنِّي أعتَصِمُ وأستجيرُ بك أن أسألَك ما ليس لي به عِلمٌ، وإنْ لم تغفِرْ لي ذنبي، وترحَمْني برَحمتِك، أكنْ مِن الهالكينَ. قال الله: يا نوحُ اهبِطْ مِن السَّفينةِ إلى الأرضِ بأمنٍ وسَلامةٍ منَّا وبركاتٍ عليك وعلى أممٍ مِن ذُرِّيةِ المؤمنينَ الذين معك في السَّفينةِ، ومنهم أمَمٌ وجَماعاتٌ مِن أهلِ الشَّقاءِ سنُمَتِّعُهم في الحياةِ الدُّنيا إلى أن يبلُغوا آجالَهم، ثمَّ ينالُهم منَّا العذابُ المُوجِعُ يومَ القيامةِ.
تلك القِصَّةُ التي قصَصْناها عليك- يا مُحمَّدُ- عن نوحٍ وقَومِه، هي من أخبارِ الغَيبِ السَّابقةِ، نوحيها إليك، ما كنتَ تَعلَمُها أنت ولا قَومُك مِن قبلِ هذا البَيانِ، فاصبِرْ على تكذيبِ قَومِك وإيذائِهم لك، كما صبَرَ الأنبياءُ مِن قَبلُ؛ إنَّ العاقِبةَ الطَّيِّبةَ في الدُّنيا والآخرةِ للمُتَّقينَ.