موسوعة التفسير

سُورةُ يُونُس
الآيات (79-82)

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ

المعنى الإجمالي:

يُخبِرُ تعالى أنَّ فِرعونَ قال لِقَومِه بعد أن رأى مِن موسى الإصرارَ على دَعوتِه ودَعوةِ قَومِه إلى عبادةِ اللهِ وَحدَه: جِيئوني بكلِّ ساحرٍ مُتقِنٍ للسِّحرِ، فلمَّا جاء السَّحرةُ فِرعونَ قال لهم موسى: ألقُوا على الأرضِ ما معكم مِن حِبالِكم وعِصيِّكم، فلمَّا ألقَوا حِبالَهم وعِصيَّهم قال لهم موسى: إنَّ الذي جِئتُم به وألقَيتُموه هو السِّحرُ، إنَّ اللهَ سيُذْهِبُه؛ إنَّ اللهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ مَن سعى في الأرضِ بالفَسادِ، ويُثبِّتُ اللهُ الحَقَّ الذي جِئتُكم به مِن عِندِه فيُعليه على باطِلِكم، بكَلِماتِه وأمْرِه، ولو كَرِه المُجرِمون.

تفسير الآيات:

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّه لَمَّا ادَّعى فِرعونُ ومَلؤُه أنَّ ما جاء به موسى عليه السَّلامُ هو سِحرٌ؛ أخَذوا في مُعارضتِه بأنواعٍ مِن السِّحرِ، لِيَظهَرَ لسائِرِ النَّاسِ أنَّ ما أتَى به من بابِ السِّحرِ [1000] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/92). .
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ.
أي: وقال فِرعونُ لِقَومِه: أحضِروا إليَّ مِن المدائِنِ كلَّ ساحرٍ ماهرٍ بالسِّحرِ [1001] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/241)، ((تفسير الرازي)) (17/287)، ((تفسير السعدي)) (ص: 371). .
كما قال تعالى: قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [الأعراف: 109-112] .
فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (80).
أي: فلمَّا جاء السَّحرةُ قال لهم موسى: اطرَحوا على الأرضِ ما تريدون طرحَه، مما مَعَكم من الحِبالِ والعِصِيِّ [1002] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/241)، ((تفسير القرطبي)) (8/367). .
كما قال تعالى: وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا [الأعراف: 113-116] .
وقال سُبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه: 65-66] .
فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81).
فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ.
القِراءاتُ ذاتُ الأثَرِ في التَّفسيرِ:
1- قِراءةُ آلسِّحْرُ بالمَدِّ والهَمزِ، على أنَّ الاستفهامَ مِن موسى للسَّحَرةِ عما جاؤوا به، أسِحرٌ هو أم غيرُه؟ فهو استفهامٌ على جهةِ التَّوبيخِ؛ لأنَّهم قد عَلِموا أنَّه سِحرٌ [1003] قرأ بها أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (1/378). ويُنظر لمعنَى هذه القراءةِ: ((الحجة في القراءات السبع)) لابن خالويه (ص: 183)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 335)، ((البسيط)) للواحدي (11/279). .
2- قِراءةُ السِّحْرُ بألف وصلٍ مِن غَيرِ مَدٍّ ولا همزٍ، على وجهِ الخَبَرِ مِن موسى أنَّ الذي جاء به سَحَرةُ فِرعونَ هو السِّحرُ، لا ما جاء به موسى [1004] قرأ بها الباقون. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (1/378). ويُنظر لمعنَى هذه القراءةِ: ((تفسير ابن جرير)) (12/242)، ((الحجة في القراءات السبع)) لابن خالويه (ص: 183)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 335). .
فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ.
أي: فلمَّا ألقَى السَّحرةُ حِبالَهم وعِصيَّهم، وسَحَروا أعيُنَ النَّاسِ، قال موسى للسَّحَرةِ: الذي جِئتُم به هو السِّحرُ، وليس ما جئتُكم به ممَّا أسمَيتُموه سِحرًا [1005] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/242)، ((تفسير ابن عطية)) (3/135)، ((تفسير البيضاوي)) (3/121)، ((تفسير القاسمي)) (6/54)، ((تفسير السعدي)) (ص: 371). .
إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ.
أي: إنَّ اللهَ سيُذهِبُ سِحرَكم، ويُظهِرُ بُطلانَه للنَّاسِ بما يُظهِرُه على يَدي من المعجزةِ [1006] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/244)، ((البسيط)) للواحدي (11/279)، ((تفسير أبي السعود)) (4/170)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/256). .
كما قال تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف: 116-119] .
إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ.
أي: إنَّ اللهَ لا يُصلِحُ أعمالَ الذين يَسعَونَ في أرضِ اللهِ بما يَكرَهُه كالسَّحَرةِ، فلا يُتِمُّها لهم فينتَفِعونَ بها، ولا يثيبُهم عليها [1007] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/244)، ((البسيط)) للواحدي (11/279)، ((تفسير أبي السعود)) (4/170)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/257). قال ابنُ عطيةَ: (قوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ يصِحُّ أن يكونَ مِن كلامِ موسى عليه السَّلامُ، ويصِحُّ أن يكونَ ابتداءَ خَبَرٍ من اللهِ تعالى). ((تفسير ابن عطية)) (3/136). وقال ابنُ عاشورٍ: (إنما كان السحرةُ مفسدينَ؛ لأنَّ قصدَهم تضليلُ عقولِ الناسِ؛ ليكونوا مسخَّرين لهم، ولا يعلموا أسبابَ الأشياءِ، فيبقوا آلةً فيما تأمرُهم السحرةُ، ولا يهتدوا إلى إصلاحِ أنفسِهم سبيلًا، أمَّا السحرةُ الذين خاطَبهم موسَى عليه السلام فإفسادُهم أظهرُ؛ لأنَّهم يُحاوِلونَ إبطالَ دَعوةِ الحَقِّ والدِّينِ القَويمِ، وتَرويجَ الشِّركِ والضَّلالاتِ). ((تفسير ابن عاشور)) (11/257). .
وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82).
وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ.
أي: ويُثبِّتُ اللهُ الحَقَّ الذي جاء مِن عندِه، ويُوضِّحُه ويُظهِرُه على مَن خالَفَه، بكَلِماتِه الكونيَّةِ، وكَلِماتِه التنزيليَّةِ التي يُوحيها إلى رسلِه، ومِنها الإخبارُ بإظهارِ الحقِّ وإعزازِه [1008] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/244)، ((البسيط)) للواحدي (11/279)، ((تفسير ابن عطية)) (3/136)، ((تفسير القرطبي)) (8/369)، ((تفسير الشوكاني)) (2/529)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (11/382). قال ابن عطيَّةَ: (قَولُه: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ يحتملُ أن يكونَ مِن كلامِ موسى عليه السَّلامُ، ويحتملُ أن يكونَ مِن إخبارِ الله عزَّ وجَلَّ، وكونُ ذلك كلِّه من كلامِ موسى أقرَبُ). ((تفسير ابن عطية)) (3/136). .
كما قال تعالى: وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [الأنفال: 7-8] .
وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ.
أي: يُحِقُّ اللهُ الحَقَّ وإن كَرِه العُصاةُ الآثمونَ ذلك [1009] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/244)، ((تفسير ابن عطية)) (3/136)، ((تفسير أبي السعود)) (4/170). .

الفوائد التربوية :

قال الله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ هكذا كلُّ مُفسدٍ عَمِلَ عملًا، واحتال كَيدًا، أو أتى بمكرٍ، فإنَّ عمَلَه سيَبطُلُ ويضمَحِلُّ، وإن حصَلَ لعَمَلِه رَوَجانٌ في وقتٍ ما، فإنَّ مآلَه الاضمحلالُ والمَحْقُ، وأمَّا المُصلِحونَ الذين قَصْدُهم بأعمالِهم وَجهُ الله تعالى- وهي أعمالٌ ووسائِلُ نافعةٌ، مأمورٌ بها- فإنَّ اللهَ يُصلِحُ أعمالَهم ويُرَقِّيها، ويُنَمِّيها على الدَّوامِ [1010] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص:371). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قال الله تعالى: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ، فأمَرهم موسَى عليه السلامُ بالإلقاءِ؛ لأنَّه علِم أنَّهم لا بدَّ أن يُلقوا تلك الحبالَ والعصيَّ، وإنَّما وقَع التخييرُ في التقديمِ والتأخيرِ، فأذِن لهم في التقديمِ؛ لتظهرَ معجزتُه أيضًا بغلَبِهم؛ لأنَّه لو ألقَى أوَّلًا لم يكنْ له غلَبٌ وظهورٌ عليهم، فلهذا المعنَى أمَرهم بالإلقاءِ أولًا [1011] يُنظر: ((تفسير الخازن)) (2/235). ، وهو بمنزلةِ تَقريرِ شُبهةِ المُلحِدِ ممَّن يتَصدَّى لإبطالِها بعد تقريرِها [1012] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/255). .
2- قَولُ الله تعالى: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ إطلاقُ الإلقاءِ على عمَلِ السِّحرِ؛ لأنَّ أكثَرَ تصاريفِ السَّحَرةِ في أعمالِهم السِّحريةِ يكونُ برَميِ أشياءَ إلى الأرضِ [1013] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/254). .
3- قولُ الله تعالى: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ طُويَ ذِكرُ صورةِ سِحرِهم في هذه الآيةِ؛ لأنَّ الغرضَ مِن العبرةِ في هذه الآيةِ وَصفُ إصرارِ فِرعونَ ومَلَئِه على الإعراضِ عن الدعوةِ، وما لَقِيَه المُستَضعَفونَ الذين آمَنوا بموسى عليه السَّلامُ مِن اعتلاءِ فِرعونَ عليهم، وكيف نصَرَ اللهُ رَسولَه والمُستَضعفَينَ معه، وكيف كانت لهم العاقِبةُ الحُسنى، ولِمَن كفروا عاقبةُ السَّوءِ، ليكونوا مثلًا للمُكَذِّبينَ بمُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولذلك لم يُعرِّجْ بالذِّكرِ إلَّا على مقالةِ موسى عليه السَّلامُ حين رأى سِحرَهم، الدَّالَّةِ على يقينِه برَبِّه ووَعدِه، وبأنَّ العاقِبةَ للحَقِّ، وذلك أهَمُّ في هذا المقامِ مِن ذِكرِ اندحاضِ سِحرِهم تجاهَ مُعجزةِ موسى عليه السَّلامُ؛ ولأجلِ هذا لم يذكُرْ مَفعولَ أَلْقَوْا لتنزيلِ فِعلِ أَلْقَوْا منزلةَ اللَّازمِ؛ لِعَدمِ تعَلُّقِ الغَرَض ببيانِ مَفعولِه [1014] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/255). .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالى: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ
قولُه: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ عطفٌ على مُقدَّرٍ يَستَدعيهِ المقامُ قد حُذِف؛ إيذانًا بسُرعةِ امتثالِهم لأمرِ فرعونَ، كما هو شأنُ الفاءِ الفصيحةِ في كلِّ مَقامٍ، والتَّقديرُ: فأتَوْا به، فلَمَّا جاؤوا قَالَ لَهُمْ مُوسَى... [1015] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4 /169). .
قولُه: أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فيه استعمالُ فعلِ الأمرِ أَلْقُوا في التَّسويةِ المرادِ منها الاختيارُ، وإظهارُ قِلَّةِ الاكتراثِ بأحَدِ الأمْرَين؛ وفيه استِطالةٌ عليهم، وعدَمُ مُبالاةٍ بهم [1016] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/92)، ((تفسير ابن عاشور)) (11/254). .
وفي إبهامِ: مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ تخسيسٌ له وتقليلٌ، وإعلامٌ أنَّه لا شيءَ يُلتَفَتُ إليه [1017] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/92). .
2- قوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ
قولُه: إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ جملةٌ معترِضةٌ، وهي تعليلٌ لِمَضمونِ جُملةِ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ، وتذييلٌ للكلامِ بما فيه نفيُ الإصلاحِ، وإضافةُ عَمَلَ إلى الْمُفْسِدِينَ يُؤْذِنُ بأنَّه عملٌ فاسدٌ [1018] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/256). .
وفيه وضْعُ المظهَرِ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ موضِعَ المضمَرِ- حيث لم يَقُلْ: إنَّ اللهَ لا يُصلِحُ عمَلَكم- للتَّسجيلِ عليهم بالإفسادِ، والإشعارِ بعلَّةِ الحكمِ [1019] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4/170). .
3- قوله تعالى: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ
قولُه: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ فيه إظهارُ اسمِ الجلالةِ في هذه الجملةِ، مع أنَّ مُقتَضى الظَّاهرِ الإضمارُ؛ لِقَصدِ تربيةِ المهابةِ في نُفوسِهم [1020] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/257). .
وقولُه: وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ المرادُ (بالمجرمين) فِرعونُ ومَلؤُه؛ فعَدَل عن ضميرِ الخِطابِ إلى الاسمِ الظَّاهرِ؛ لِما فيه مِن وَصفِهم بالإجرامِ تَعريضًا بهم، وإنَّما لم يُخاطِبْهم بصفةِ الإجرامِ بأن يَقولَ: (وإنْ كَرِهتُم أيُّها المُجرِمون) عُدولًا عن مُواجَهتِهم بالذَّمِّ، وُقوفًا عندَ أمرِ اللهِ تعالى؛ إذ قال له: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا [1021] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (11/258). [طه: 44] ، وذلك على القولِ بأنَّه مِن كلامِ موسَى عليه السلامُ.