موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الخامِسُ: إذا تَعَلَّقَ الحَقُّ بعَينٍ فأُتلِفَت، فهَل يَعودُ الحَقُّ إلى البَدَلِ المَأخوذِ مِن غَيرِ تَجديدِ عَقدٍ؟


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "إذا تَعَلَّقَ الحَقُّ بعَينٍ فأُتلِفَت، فهَل يَعودُ الحَقُّ إلى البَدَلِ المَأخوذِ مِن غَيرِ تَجديدِ عَقدٍ" [1822] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/120). . وصيغةِ: "إذا تَعَلَّقَ بعَينٍ حَقٌّ تَعَلُّقًا لازِمًا فأتلَفَها مَن يَلزَمُه الضَّمانُ، فهَل يَعودُ الحَقُّ إلى البَدَلِ المَأخوذِ مِن غَيرِ عَقدٍ آخَرَ؟" [1823] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/259). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ:
تَذكُرُ القاعِدةُ أنَّه إذا تَعَلَّقَ بعَينٍ حَقٌّ تَعَلُّقًا لازِمًا، فأتلَفَها مَن يَلزَمُه الضَّمانُ، فهَل يَعودُ الحَقُّ إلى البَدَلِ المَأخوذِ مِن غَيرِ عَقدٍ آخَرَ؟ في ذلك خِلافٌ بَينَ الفُقَهاءِ على قَولَينِ: الأوَّلُ: أنَّه لا يحتاجُ إلى عَقدٍ جَديدٍ؛ لأنَّ البَدَلَ له حُكمُ المُبدَلِ فلا يَحتاجُ عَودُ الحُكمِ إليه إلى عَقدٍ جَديدٍ. والثَّاني: أنَّه لا بُدَّ مِن عَقدٍ جَديدٍ؛ لأنَّ التَّعَلُّقَ الأوَّلَ خاصٌّ بالعَينِ التي زالَت فيَزولُ بزَوالِها مَعَها [1824] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/120)، ((القواعد)) لابن رجب (1/259)، ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبد الكريم اللاحم (ص: 126). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (إذا تَعَذَّرَ الأصلُ يُصارُ إلى البَدَلِ)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ إتلافَ العَينِ سَبَبٌ للمَصيرِ إلى البَدَلِ؛ لأنَّها قد تَعَذَّرَت، فيَعودُ الحَقُّ إلى البَدَلِ المَأخوذِ؛ لأنَّه إذا تَعَذَّرَ الأصلُ يُصارُ إلى البَدَلِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ:
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (إذا تَعَذَّرَ الأصلُ يُصارُ إلى البَدَلِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ:
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا وكَّلَ غَيرَه في بَيعِ شَيءٍ، فأتلَف القَمحَ مُتلِفٌ، فأخَذَ الوكيلُ بَدَلَه؛ فالوكيلُ في بَيعِ المُتلَفِ يَملِكُ بَيعَ البَدَلِ المَأخوذِ بغَيرِ إذنٍ جَديدٍ [1825] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/259)، ((الإنصاف)) للمرداوي (12/524). .
2- إذا أتلَفَ الرَّهنَ مُتلِفٌ، وأُخِذَت قيمَتُه، صارَت رَهنًا بمُجَرَّدِ الأخذِ، وقيلَ: لا يَصيرُ رَهنًا إلَّا بجَعلِ الرَّاهنِ [1826] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/120)، ((القواعد)) لابن رجب (1/259)، ((الإنصاف)) للمرداوي (12/523). .
3- الأُضحيَّةُ المُعَيَّنةُ إذا أتلَفَها مُتلِفٌ، وأُخِذَت مِنه القيمةُ، أو باعَها مَن أوجَبَها، يَشتَري النَّاذِرُ بقيمَتِها مِثلَها، وتَصيرُ أُضحيَّةً بنَفسِ الشِّراءِ، ويُكتَفى بنيَّتِه؛ إذ إقدامُه على الشِّراءِ مُتَضَمِّنٌ لجَعلِه أُضحيَّةً [1827] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (1/120)، ((القواعد)) لابن رجب (1/259). .
4- الموصى له بعَينٍ إذا أتلَفها مُتلِفٌ بَعدَ المَوتِ وقَبلَ القَبولِ؛ فحَقُّه باقٍ في بَدَلِها [1828] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/260). .

انظر أيضا: