موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ العاشِرُ: النَّماءُ المُتَولِّدُ مِنَ العَينِ حُكمُه حُكمُ الجُزءِ، والمُتَولِّدُ مِنَ الكَسبِ بخِلافِه على الصَّحيحِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "النَّماءُ المُتَولِّدُ مِنَ العَينِ حُكمُه حُكمُ الجُزءِ، والمُتَولِّدُ مِنَ الكَسبِ بخِلافِه على الصَّحيحِ" [1199] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (1/157). . وبصيغةِ: "الكَسبُ يَتبَعُ الأصلَ" [1200] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (22/122). . وصيغةِ: "الكَسبُ يُملَكُ بمِلكِ الأصلِ" [1201] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (8/40 و43)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 100). . وصيغةِ: "الكَسبُ يَدورُ مَعَ الأصلِ" [1202] يُنظر: ((شرح الزيادات)) لقاضي خان (3/818). . وصيغةِ: "الكَسبُ يَتبَعُ المِلْكَ" [1203] يُنظر: ((الممتع)) لابن المنجى (3/210)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (6/547)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (10/187)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/432). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
يُعَدُّ الكَسبُ مِنَ الزَّوائِدِ المُنفصِلةِ للأصلِ، وهيَ إمَّا مُتَولِّدةٌ مِنَ العَينِ، كالثِّمارِ، وإمَّا مُتَولِّدةٌ مِن غَيرِ العَينِ، كالكَسبِ والغَلَّةِ، فتُفيدُ القاعِدةُ أنَّ النَّماءَ المُتَولِّدَ مِنَ العَينِ يَتبَعُها عِندَ الرَّدِّ، والنَّماءَ المُتَولِّدَ مِنَ الكَسبِ لا يَتبَعُها، فإذا نَمَتِ العَينُ وزادَت فإن كان النَّماءُ مِن ذاتِ العَينِ فيُعَدُّ كالجُزءِ مِنها، ويَأخُذُ حُكمَها ويَكونُ تابِعًا لها، وأمَّا المُتَولِّدُ بالكَسبِ والسَّعيِ والعَمَلِ فلا يُعَدُّ جُزءًا مِنَ العَينِ، ويَأخُذُ حُكمًا مُستَقِلًّا [1204] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/71)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (2/847)، ((شرح تحفة أهل الطلب)) لعبد الكريم اللاحم (ص: 76). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ)؛ لأنَّ الكَسبَ مُتَولِّدٌ مِنَ الأصلِ ومُتَفرِّعٌ مِنه، فكان تابِعًا له في الحُكمِ؛ لأنَّ التَّابِعَ تابِعٌ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- الزِّيادةُ في الصَّداقِ قَبلَ القَبضِ نَوعانِ: مُتَّصِلةٌ ومُنفصِلةٌ؛ فالمُتَّصِلةُ: كالسِّمَنِ. والمُنفصِلةُ: إمَّا مُتَولِّدةٌ مِنَ العَينِ كالثِّمارِ، وإمَّا غَيرُ مُتَولِّدةٍ مِنَ العَينِ، كالكَسبِ والغَلَّةِ، وذلك كُلُّه يُسَلَّمُ للمَرأةِ إذا دَخَلَ بها الزَّوجُ أو ماتَ عنها؛ لأنَّه يُملَكُ بمِلْكِ الأصلِ، ومِلْكُ الأصلِ كان سالِمًا لها، وقد تقَرَّر ذلك بالمَوتِ والدُّخولِ، فكذلك الزِّيادةُ [1205] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/71). .
2- نَماءُ الرَّهنِ والكَسبِ يَتبَعُ العَينَ المَرهونةَ، ويَكونُ رَهنًا مَعَه؛ لأنَّه مُتَولِّدٌ عنها فيَتبَعُها في الرَّهنِ، فإنَّه نَماءٌ وغَلَّةٌ حاصِلانِ مِن عَينِ الرَّهنِ ومُتَفرِّعانِ عنه، فيَتبَعانِه في الحُكمِ، ثُمَّ إنَّ الرَّهنَ مِلْكٌ للرَّاهنِ لم تَزُلْ مِلكيَّتُه عنه، فلِصاحِبِ الرَّهنِ نَماءُ رَهنِه، وهو ما يَحصُلُ مِنه مِن أُجرةٍ، كَتَأجيرِ الدَّارِ، وكَذا النَّماءُ المُتَّصِلُ كالسِّمَنِ [1206] يُنظر: ((وبل الغمامة)) لعبدالله الطيار (4/176). .
3- لو أنَّ إنسانًا اشتَرى سَيَّارةً فأجَّرَها واستَفادَ مِنها، ثُمَّ وقَف على عَيبٍ في السَّيَّارةِ كان له رَدُّها للبائِعِ، وتَكونُ المَنفعةُ للمُشتَري، ولا يُطالَبُ برَدِّ الأُجرةِ؛ لأنَّ السَّيَّارةَ كانت في ضَمانِه بحَيثُ لو تَلِفَت لم يَرجِعْ على البائِعِ بشَيءٍ، ويُعَبِّرُ بَعضُ الفُقَهاءِ بقَولِهم: الغُنمُ لمَن عليه الغُرمُ [1207] يُنظر: ((فتح العلام)) للبعداني (5/656). .

انظر أيضا: