موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: ما كان تابِعًا في العَقدِ يَكونُ تابِعًا في الفَسخِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "ما كان تابِعًا في العَقدِ يَكونُ تابِعًا في الفَسخِ" [1103] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/285). . وصيغةِ: "فَسخُ العَقدِ مُعتَبَرٌ بأصلِ العَقدِ" [1104] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (21/96). . وصيغةِ: "الفُسوخُ يُنحى بها نَحوَ العُقودِ" [1105] يُنظر: ((نهاية المطلب)) لأبي المعالي الجويني (14/188). . وصيغةِ: "الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ تتبعُ في الفُسوخِ والعُقودِ" [1106] يُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (5/298). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ فسخَ العَقدِ مُعتَبَرٌ بأصلِ العَقدِ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّ ما كان تابِعًا في العَقدِ يَكونُ تابِعًا في الفسخِ؛ فإنَّ الفسخَ يَرفعُ العَقدَ، فيَنفسِخُ العَقدُ في الأصلِ، كالثَّمَرةِ قَبلَ ظُهورِها؛ فإنَّها تَتبَعُ الأصلَ، وعِندَ العَيبِ يَرُدُّها بنَمائِها؛ لأنَّه يتبَعُ في العُقودِ والفُسوخِ، ولِعَدَمِ تَصَوُّرِ رَدِّها بدونِه [1107] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (21/96)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/285)، ((المنثور)) للزركشي (2/182)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/157)، ((التدريب)) للبلقيني (3/143). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ الفسخَ تابِعٌ للعَقدِ؛ لأنَّ الفسخَ يَكونُ على حَسَبِ العَقدِ، فما يَكونُ تابِعًا في العَقدِ يَكونُ تابِعًا في الفسخِ؛ لأنَّ التَّابِعَ تابِعٌ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ:
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الزِّيادةُ المُتَّصِلةُ المُتَولِّدةُ مِنَ الأصلِ -كَسِمَنِ الدَّابَّةِ ونُموِّ الشَّجَرةِ- لا تَمنَعُ الرَّدَّ بالعَيبِ؛ فإنَّه يَرُدُّها بنَمائِها؛ لأنَّه يتبَعُ في العُقودِ والفُسوخِ، ولِعَدَمِ تَصَوُّرِ رَدِّها بدونِه، فتَكونُ تابِعةً للأصلِ، فإذا رَدَّ المُشتَري الأصلَ بالعَيبِ رَدَّ الزِّيادةَ مَعَه؛ لأنَّ هذه الزِّيادةَ تابِعةٌ للأصلِ حَقيقةً؛ لقيامِها بالأصلِ، فكانت مَبيعةً تَبَعًا، والأصلُ أنَّ ما كان تابِعًا في العَقدِ يَكونُ تابِعًا في الفسخِ [1108] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/285)، ((المغني)) لابن قدامة (6/226)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/157-158)، ((القواعد والضوابط الفقهية في الضمان المالي)) لحمد الهاجري (ص: 209). .
2- اللُّقَطةُ إن صادَفها صاحِبُها فإنَّها تَرجِعُ إليه، ويَأخُذُها بنَمائِها المُتَّصِلِ [1109] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (9/516)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/234). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ المَسائِلِ، مِنها: الصَّداقُ؛ فإنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ تَتبَعُ الأصلَ إلَّا في الصَّداقِ؛ فإنَّ الزَّوجَ إذا طَلَّقَ قَبلَ الدُّخولِ لا يَرجِعُ إلى النِّصفِ الزَّائِدِ إلَّا برِضا المَرأةِ؛ فإنَّ الزِّيادةَ المُتَّصِلةَ فيه تمنَعُ استِقلالَ الزَّوجِ بالرُّجوعِ حَيثُ ثَبَتَ له الرُّجوعُ في نِصفِ الصَّداقِ، ويَثبُتُ لها الخيارُ، فإن أبَت لم يُجبَرْ، ويَعدِلُ الزَّوجُ إلى نِصفِ القيمةِ مِن غَيرِ تلك الزِّيادةِ، وإن سَمَحَت أُجبِرَ على القَبولِ [1110] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/375)، ((المنثور)) للزركشي (2/182)، ((الأشباه والنظائر)) لابن الملقن (2/199). .

انظر أيضا: