موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ السَّادِسُ: المَنفَعةُ تابِعةٌ للعَينِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "المَنفَعةُ تابِعةٌ للعَينِ" [1152] يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازه (7/402)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (3/1081)، ((النجم الوهاج)) للدميري (6/226)، ((تحرير الفتاوى)) لابن العراقي (2/410)، ((بداية المحتاج)) لابن قاضي شهبة (2/592)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/199). . وصيغةِ: "المَنفَعةُ تابِعةٌ للرَّقَبةِ" [1153] يُنظر: ((بحر المذهب)) للروياني (7/151)، ((المغني)) لابن قدامة (8/50). . وصيغةِ: "المَنفَعةُ تابِعةٌ للأصلِ" [1154] يُنظر: ((الممتع)) لابن المنجى (4/582). . وصيغةِ: "المَنفَعةُ تابِعةٌ لا يُقابِلُها عِوَضٌ" [1155] يُنظر: ((البيان)) للعمراني (6/198). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
المَعقودُ عليه في البَيعِ هو: العَينُ، وفي الإجارةِ: المَنفَعةُ، والفَرقُ بَينَهما: أنَّ مَنافِعَ الإجارةِ مَقصودةٌ؛ لأنَّها هيَ المَعقودُ عليها، والمَنافِعُ تابِعةٌ في البَيعِ فافتَرَقا. فالعَينُ: أصلٌ، وبِما أنَّ المَنفعةَ تابِعةٌ لذلك الأصلِ، فما صَلَحَ لأن يَكونَ بَدَلًا للعَينِ يَصلُحُ لأن يَكونَ بَدَلًا لتابِعِها، أي: أنَّ ما صَلَحَ في البَيعِ لأن يَكونَ ثَمَنًا للمَبيعِ يَصلُحُ لأن يَكونَ في الإجارةِ بَدَلًا؛ لأنَّ الأُجرةَ ثَمَنُ المَنفعةِ، فتُعتَبَرُ بثَمَنِ المَبيعِ. فيَنتُجُ مِن هذا قاعِدةٌ، وهيَ: كُلُّ ما يَصلُحُ أن يَكونَ ثَمَنًا يَصلُحُ أن يَكونَ أُجرةً [1156] يُنظر: ((بحر المذهب)) للروياني (5/350)، ((درر الحكام)) لعلي حيدر (1/521). ويُنظر أيضًا: ((البيان)) للعمراني (6/198)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (3/1081). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ)؛ لأنَّ المَنفعةَ لا تَنفصِلُ عن أصلِ العَينِ، ولا يُقابِلُها عِوَضٌ، فكانت تابِعةً للعَينِ؛ لأنَّ التَّابِعَ تابِعٌ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (التَّابِعُ تابِعٌ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- البَيعُ في العَقدِ الفاسِدِ يَجِبُ فيه ضَمانُ العَينِ والمَنفَعةِ، وأمَّا في العَقدِ الصَّحيحِ فيَجِبُ فيه ضَمانُ العَينِ فقَط؛ لأنَّ المَنفعةَ في العَقدِ الصَّحيحِ مَملوكةٌ تَبَعًا للعَينِ، أمَّا في العَقدِ الفاسِدِ فلَيسَ هناكَ مِلكٌ حتَّى نَقولَ: إنَّ المَنفعةَ تابِعةٌ للمِلكِ، وعلى هذا فإذا تَلِف المَبيعُ في البَيعِ الفاسِدِ فإنَّنا نَضمَنُ العَينَ والمَنفَعةَ، أي: مُدَّةَ أُجرَتِها ما دامَت في يَدِه، فهنا اشتَرَكا في أصلِ الضَّمانِ، أي: العَقدِ الصَّحيحِ والفاسِدِ، ولَكِنِ اختَلَفا في كَيفيَّةِ الضَّمانِ [1157] يُنظر: ((الطرق الحكمية)) لابن القيم (2/655)، ((القواعد)) لابن رجب (1/307)، ((القواعد والضوابط الفقهية في الضمان المالي)) لحمد الهاجري (ص: 232). .
2- لا يَجوزُ استِعمالُ المُرتَهِنِ الرَّهنَ؛ لأنَّ المَنفعةَ تابِعةٌ للأصلِ، والأصلُ للرَّاهنِ، فالمَنفَعةُ تَكونُ على مِلكِه، والرَّاهنُ أوجَبَ مِلكَ اليَدِ للمُرتَهِنِ لا مِلكَ المَنفعةِ، فكان الانتِفاعُ له كَما له الاتِّفاقُ قَبلَ عَقدِ الرَّهنِ [1158] يُنظر: ((موسوعة الإجماع)) لمجموعة مؤلفين (4/267). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ بَعضُ الصُّورِ، فقد يَثبُتُ مِلكُ العَينِ لشَخصٍ، ولا تَتبَعُه المَنفعةُ، وبِالعَكسِ، ومِن ذلك [1159] يُنظر: ((القواعد)) لابن رجب (2/178-179)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/446)، ((المعاملات المالية)) للدبيان (17/417). :
1- الوصيَّةُ بالمَنافِعِ لواحِدٍ، وبِالرَّقَبةِ لواحِدٍ، أو تَركُ العَينِ للورَثةِ، ومِلْكُ المَنفعةِ دونَ العَينِ بالوصيَّةِ بالمَنافِعِ.
2- الوقفُ؛ فإنَّ مَنافِعَه وثَمَراتِه مَملوكةٌ للمَوقوفِ عليه، وفي مِلكِه لرَقَبَتِه وجهانِ.
3- الإجارةُ، ومَنافِعُ المَبيعِ المُستَثناةُ في العَقدِ مُدَّةً مَعلومةً.

انظر أيضا: