موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: الباطِلُ لا يورِثُ شُبهةً


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
اسُتعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الباطِلُ لا يورِثُ شُبهةً" [218] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/157)، ((العناية)) للبابرتي (10/346). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ الباطِلَ لا يُمكِنُ أن يَكونَ له تَأثيرٌ في إحداثِ شُبهةٍ تُؤَثِّرُ في صِحَّةِ العَقدِ أو في تَرَتُّبِ بَعضِ الأحكامِ عليه، فإذا نَشَأ عَقدٌ أو تَصَرُّفٌ على وجهٍ باطِلٍ فلا يَتَرَتَّبُ عليه شَيءٌ ولا يُعتَدُّ به، ولا يَكونُ مُجَرَّدُ حُصولِه على جِهةٍ باطِلةٍ شُبهةً تُؤَثِّرُ في مُراعاتِه على جِهةِ الاحتياطِ؛ لأنَّ الباطِلَ لا يَتَرَتَّبُ عليه شَيءٌ، وهذا داخِلٌ في عُمومِ كَونِ الباطِلِ لا حُكمَ له، فكَما أنَّ الباطِلَ لا يُنتِجُ حُكمًا ولا أثَرًا كَما هو مَنطوقُ القاعِدةِ الأُمِّ: (الباطِلُ لا حُكمَ لهـ)، فكذلك لا يُحدِثُ شُبهةً مُؤَثِّرةً، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ تَطبيقًا للقاعِدةِ الأُمِّ وفرعًا لها [219] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/157)، ((العناية)) للبابرتي (10/346)، ((معلمة زايد)) (8/334). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ (الباطِلُ لا حُكمَ لهـ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لو طَلَّقَ الزَّوجُ امرَأتَه ثَلاثًا ووطِئَها في عِدَّتِها مَعَ العِلمِ بحُرمَتِها عليه، فإنَّه لا يَصيرُ شُبهةً في دَرءِ الحَدِّ؛ لأنَّه باطِلٌ، والباطِلُ لا يورِثُ شُبهةً [220] يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/157)، ((العناية)) للبابرتي (10/346)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (8/135). .
2- إذا استَأجَرَ امرَأةً للزِّنا وزَنا بها، لزِمَه الحَدُّ؛ لأنَّه عَقدٌ باطِلٌ، فلا يورِثُ شُبهةً، كَما لوِ اشتَرى خمرًا فشَرِبَها، وأيضًا لو كان شُبهةً لثَبَتَ به النَّسَبُ، ولا يَثبُتُ هنا بالاتِّفاقِ [221] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (11/ 148)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/ 445)، ((الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية)) للحفناوي (ص: 301). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
1- إذا وطِئَ المُطَلَّقةَ ثَلاثًا في عِدَّتِها ولم يَعلَمْ بحُرمَتِها عليه، بَل ظَنَّ أنَّها تَحِلُّ له، فإنَّه يورِثُ الشُّبهةَ، فيُدرَأُ الحَدُّ عِندَ الحَنَفيَّةِ [222] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/424). .
2- إذا عَقدَ على مُعتَدَّةٍ مِن غَيرِه، ووطِئَها عالِمًا، فإنَّه لا حَدَّ عليه في المَشهورِ عِندَ المالكيَّةِ، كَما حَكاه الخَرَشيُّ، مَعَ أنَّ حَدَّ الزِّنا صادِقٌ عليه؛ لأنَّ العَقدَ أورَثَ شُبهةً [223] يُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (8/78). .

انظر أيضا: