موسوعة القواعد الفقهية

المَبحَثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: يُغتَفَرُ في العُقودِ الضِّمنيَّةِ ما لا يُغتَفرُ في الاستِقلالِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "يُغتَفرُ في العُقودِ الضِّمنيَّةِ ما لا يُغتَفرُ في الاستِقلالِ" [5438] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (3/378)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (2/689). ، وصيغةِ: "قد يُحتَمَلُ في العُقودِ الضِّمنيَّةِ ما لا يُحتَمَلُ عِندَ الانفِرادِ والاستِقلالِ" [5439] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (8/120)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (13/204)، ((المنثور)) للزركشي (3/379)، ((القواعد)) للحصني (3/194). ، وصيغةِ: "يُغتَفرُ في الضِّمنيِّ ما لا يُغتَفرُ في المُستَقِلِّ" [5440] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/342)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (4/335)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/306). ، وصيغةِ: "يُغتَفرُ في الضِّمنيِّ ما لا يُغتَفرُ في الاستِقلالِ" [5441] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (6/309). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
العُقودُ: مِنها عُقودٌ مُنفرِدةٌ مُستَقِلَّةٌ لا تَصِحُّ إلَّا باستيفاءِ أركانِها وشُروطِها، ومِنها عُقودٌ تَقَعُ ضِمنًا لعُقودٍ أُخرى مُستَوفاةٍ، فتُفيدُ القاعِدةُ أنَّه يُغتَفرُ ويُتَسامَحُ ويُتَساهَلُ في الأُمورِ الثَّابتةِ ضِمنًا وداخِلًا لشَيءٍ آخَرَ ما لا يُتَسامَحُ في الأمرِ المَقصودِ أصلًا واستِقلالًا؛ لأنَّه يُشتَرَطُ تَوافُرُ جَميعِ الشُّروطِ الشَّرعيَّةِ فيما قَصَدَه العاقِدُ أوِ الشَّرعُ أصلًا. أمَّا الأُمورُ الضِّمنيَّةُ فلا مانِعَ مِنَ التَّساهُلِ فيها؛ لأنَّها ليسَت مَقصودًا شَرعًا، أو عَقدًا، أو تَصَرُّفًا، فيُحتَمَلُ في العُقودِ الضِّمنيَّةِ ما لا يُحتَمَلُ عِندَ الانفِرادِ والاستِقلالِ، فتَصِحُّ العُقودُ الضِّمنيَّةُ ولَو لم تَستَوفِ شُروطَها كامِلةً؛ لأنَّها وقَعَت ضِمنًا وتَبَعًا، فتُسوهِلَ فيها [5442] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (8/120)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (13/204)، ((المنثور)) للزركشي (3/378)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (12/410)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (2/689)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبد الرحمن آل عبد اللطيف (2/597). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقاعِدةِ: (يُغتَفرُ في الشَّيءِ ضِمنًا ما لا يُغتَفرُ فيه مَقصودًا).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ [5443] يُنظر بعض الفروع الأخرى في قاعدة (يغتفر في الشيء ضمنًا ما لا يغتفر فيه مقصودًا). ، مِنها:
1- إذا قال مَن أسلَمَ على أكثَرَ مِن أربَعِ نِسوةٍ لإحداهنَّ: إن دَخَلتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ، فقيلَ: لا يَجوزُ؛ لأنَّ الطَّلاقَ اختيارٌ للنِّكاحِ، وتَعليقُ الاختيارِ مُمتَنِعٌ، والصَّحيحُ جَوازُه؛ تَغليبًا لحُكمِ الطَّلاقِ، والاختيارُ يُحَصَّلُ ضِمنًا، ويُحتَمَلُ في العُقودِ الضِّمنيَّةِ ما لا يُحتَمَلُ عِندَ الانفِرادِ والاستِقلالِ [5444] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (8/120)، ((المنثور)) للزركشي (3/379)، ((القواعد)) للحصني (3/193). .
2- يُحتَمَلُ بَعضُ الغَرَرِ تَبَعًا إذا دَعَت إليه الحاجةُ، كما إذا باعَ الشَّاةَ الحامِلَ، والتي في ضَرعِها لبَنٌ، فإنَّه يَصِحُّ البَيعُ، ويَجوزُ بَيعُ الحَملِ تَبَعًا لأُمِّه، ولا يَجوزُ بَيعُه مُستَقِلًّا [5445] يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (10/156)، ((القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير)) لعبد الرحمن آل عبد اللطيف (2/603). .

انظر أيضا: